الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الفتاة لزميلتها الجامعية النصرانية أنا أحبك أو أحترم أخلاقك

السؤال

أرجو إفادتي بالإجابة على السؤال التالي: هل يجوز أن أقول لفتاة(زميلتي بالجامعة)أنا أحبك أو أحترم أخلاقك مع العلم أنها نصرانية؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فخطابك لتلك الزميلة النصرانية بنحو: (أحبك أو أحترم أخلاقك)، إن كان في سياق دعوتها للإسلام مقرونا ببيان بطلان دينها، وإظهار رغبتك في استنقاذها من الضلال، فلا مانع من ذلك، بل هو عمل صالح من الأعمال التي يحبها الله، فإن الدعوة إلى الله من أفضل الأعمال، كما أنّ الرفق واللين مع المدعوين من الوسائل المشروعة في الدعوة.

أما إذا كان هذا الخطاب في غير سياق دعوتها للإسلام وعارياً عن بيان بطلان دينها، فذلك غير جائز، لما فيه من إيهامها بأنها على الحق وإقرارك لها على دينها الباطل.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلاَ النَّصَارَى بِالسَّلاَمِ.. رواه مسلم.

قال المباركفوري: لأن الابتداء به إعزاز للمسلم عليه ولا يجوز إعزازهم، وكذا لا يجوز تواددهم وتحاببهم بالسلام ونحوه. تحفة الأحوذي.

وقال ابن مفلح: وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مُصَافَحَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَكَرِهَهُ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي النَّهْيِ عَنْ مُصَافَحَتِهِمْ وَابْتِدَائِهِمْ بِالسَّلَامِ وَقَالَ لَهُ أَبُو دَاوُد: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلذِّمِّيِّ كَيْفَ أَصْبَحْتَ، أَوْ كَيْفَ أَنْتَ؟ أَوْ كَيْفَ حَالُكَ؟ قَالَ أَكْرَهُهُ، هَذَا عِنْدِي أَكْبَرُ مِنْ السَّلَامِ. الآداب الشرعية.

وقال الرحيباني: ويكره تعرض لما يوجب مودة بينهما لعموم قوله تعالى: لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. {المجادلة: 22}. مطالب أولي النهى.

وننبّه إلى أنه ينبغي للمسلمة أن تحرص على صحبة الصالحات، قال تعالى: الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ. {الزخرف: 67}.

وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لَا تُصَاحِبْ إلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يَأْكُلْ طَعَامَك إلَّا تَقِيٌّ. رواه أبو داود وحسنه الألباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني