الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمراء أهل الشام وأهلها لم يقصدوا حرق الكعبة

السؤال

هل صحيح أن يزيد بن معاوية هدم الكعبة وأيضا هل الحجاج بن يوسف هو الذي هدمها لأني عند الاطلاع على بعض الكتب وجدت هذا مذكورا. أرجو الإيضاح من صحة القول أو عدم صحته؟ ولكم مني كل احترام وتقدير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يهدم الكعبة لا يزيد ولا الحجاج، وإنما رموا أهل مكة بالمنجنيق، فأما حادثة يزيد فكانت سنة 64 هـ بعد وقعة الحرة الشهيرة. قال الذهبي: لما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل مع شربه الخمر وإتيانه المنكرات اشتد عليه الناس، وخرج عليه غير واحد ولم يبارك الله في عمره، وسار جيش الحرة إلى مكة لقتال ابن الزبير فمات أمير الجيش بالطريق، فاستخلف عليهم أميرا وأتوا مكة فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، ذلك في صفر سنة أربع وستين، واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل وكان في السقف، وأهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الأول من هذا العام. اهـ. من تاريخ الخلفاء للسيوطي.

وأما حادثة الحجاج فكانت في خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ذلك في سنة 73 هـ، قال ابن كثير في البداية والنهاية: لما استهلت هذه السنة استهلت وأهل الشام محاصرون أهل مكة، وقد نصب الحجاج المنجنيق على مكة ليحصر أهلها حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك، وكان مع الحجاج الحبشة فجعلوا يرمون بالمنجنيق فقتلوا خلقا كثيرا، وكان معه خمس مجانيق فألح عليها بالرمي من كل مكان وحبس عنهم الميرة والماء فكانوا يشربون من ماء زمزم، وجعلت الحجارة تقع في الكعبة. اهـ. وقد سبقت الإشارة إلى هذه الحادثة في الفتوى رقم: 37868.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن أهل الشام وأمراءهم، سواء يزيد أو الحجاج أو حصين بن نمير، لم يكونوا يقصدون الكعبة، وإنما مقصدهم محاربة أهل مكة، قال الدكتور الصلابي في كتاب الدولة الأموية: لا شك أن أحداً من أهل الشام لم يقصد إهانة الكعبة، بل كل المسلمين معظمون لها، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير، والضرب بالمنجنيق كان لابن الزبير لا للكعبة، ويزيد لم يهدم الكعبة، ولم يقصد إحراقها، لا هو ولا نوابه باتفاق المسلمين. اهـ.

وراجع في ما يخص يزيد بن معاوية وما نسب إليه الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4112، 28064، 36047، 69079. وفي ما يخص الحجاج الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 28939، 51985، 98085، 112543.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني