الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ينبغي للمسلم أن يعين على الباطل

السؤال

أعيش فى اليابان وزوجتى والحمد لله مسلمة من أهل هذا البلد، وهى وحيدة لوالديها، وهم يتجاوزون السبعين سنه من العمر، انتقلت أنا وزوجتي للعيش في مقاطعة أخرى تبعد مسافة كبيرة عن بيت أهلها، ونحتاج ركوب طائرة لزيارتهم، ليس من السهل زيارة الأهل في مدة قصيرة بين الزيارة والأخرى مما يجعل أهل الزوجة يشعرون بالوحدة والضعف، وزوجتي تقاسمهم ذلك لقوة الرابط بينها وبين أهلها وهم والحق يقال نعم الأهل، وقد رزقنا بمولود مما جعل الجدين لايطيقان العيش بعيدا عنا وعن الحفيدة، وأخبراني أنهما يودان الانتقال والعيش معنا ما تبقى لهما من العمر. فقررنا العيش معا مع العلم أنهم على الديانه البوذية، وهم يحترمون ديننا جدا، فهم حريصون على الابتعاد عن ما قد لا يتوافق مع ديننا الإسلامي، وكان أهل زوجتى ممن يقيمون صلواتهم بشكل دائم طوال حياتهم لدينهم البوذي، وبعد انتقالهم والعيش معنا من فترة تزيد عن ستة أشهر جعلتهم يتوقفون عن أداء شعائر دينهم، وكان هذا طلبا مني لأنه في معتقدات البوذية يضعون صندوقا صغير الحجم نوعا ما ليس به تمثال فقط بعض الكؤوس والفوانيس خاص بعباداتهم في كل البيوت اليابانية، وكنت حريصا على عدم وجوده هذا الصندوق فى بيتنا، ولكن كما نحن مسلمون نغير ونحرص على ديننا ونصلي ونطبق شعائر ديننا ولايستطيع أحد منا نسيان ركعة واحدة من صلاتنا، فكيف يكون شعور من لا يصلي من لا يصوم من لا يؤدي فرائض الله عز وجل. هذا الشعور بالذنب نفسه ما نحس به نحن المسلمين في حالة تقصيرنا اتجاه عبادتنا يؤرق أهل زوجتي ويشعرهم بعدم الراحة، ويظنون أنهم مقصرون تجاه ديانتهم البوذية، وسعادتهم بالعيش معنا ينقصها شيء عظيم هذا ما يعتقدون به ألا وهو الرابط الديني مع ديانتهم البوذية، لذلك لدي مقترح أود استشارة أهل العلم فيه، وهو أنه في بيتنا إذا كان ممكننا وضع ذلك الصندوق في إحدى الغرف، وإذا غير ذلك فإنه يوجد مخزن مفصول عن البيت فكرة. هل من الممكن وضع ذلك الصندوق فيه حتى يمكن لهم التعبد ويشعر جميعنا بالراحة، ويمكن لهم ممارسة ما يعتقدون به وإظهار سماحة ديننا لهم بعدم تعصبنا للأديان الأخرى حتى لا ينظر لنا كراديكالية، وهذا سوف ييسر علنا العيش كأسرة واحدة. أرجو من أهل العلم أن يفتوني في ذلك وجعل هذا فى ميزان حسناتكم. وأود إعلامكم أني أسعى لجعل هذه الأسره تنعم بالإسلام.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشكر الله سعيك في دعوة هذه الأسرة للحق، وحرصك على الالتزام بحدود دينك. ثم اعلم أخانا الكريم أن مراعاة مشاعر هؤلاء تجاه ديانتهم الباطلة (البوذية) ينبغي أن لا يغلب مشاعر الحزن والأسى من مصيرهم إن ماتوا على ذلك، ولك في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، فقد بلغ به الأسى على كفر الكافرين أن يكاد تذهب نفسه حسرة وأسفا، قال تعالى: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا. {الكهف: 6}. وقال سبحانه: لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ. {الشعراء: 3}. وقال عز وجل: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ. {فاطر: 8}. وراجع في ذلك الفتويين: 63969، 9726.

والمقصود أن مراعاة مصير هؤلاء وأنهم سيخلدون في النار إن ماتوا على ما هم عليه، يجب أن يسيطر عليك وعلى ابنتهم، ويتحول ذلك إلى جهد متواصل لدعوتهم للحق وبيانه لهم وترغيبهم فيه.

ومن جملة الوسائل لذلك أن تحول بينهم وبين ممارسة شعائرهم الباطلة، لا أن تفكر كيف تزيل شعورهم بالتقصير نحوها !! كما أن من وسائله أن تظهر أمامهم شعائر دينك الحق كالصلاة مثلا، فقد يكون ذلك أدعى لتعرفهم على الإسلام عن قرب.

وقد سبق لنا بيان بعض الأمور التي ينبغي مراعاتها في ذلك، فراجع الفتوى رقم: 59074.

ثم نؤكد على السائل الكريم أنه لا يجوز للمسلم أن يقر الباطل الذي أعلاه الشرك بالله تعالى ولا أن يعين عليه، خاصة في بيته الذي هو مسؤول عنه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع فمسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم. متفق عليه.

وراجع للمزيد عن ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 114950، 57547، 57416.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني