الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم جمع الصلوات بسبب المرض

السؤال

أبي سيدخل المستشفى للقيام بعملية جراحية، وسأكون فى انتظاره أثناء العملية وبجواره حتى يفيق من البنج. فهل هذه أعذار لترك الجماعة بالنسبة لي؟ وبالنسبة لصلاته هو هل يجوز له الجمع؟ وما صفته؟ وكيف يصلي إذا اقترب وقت خروج الصلاة ولم يفق إفاقة كاملة بحيث كان عقله يذهب ويجيء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما بالنسبة لك فإن إباحة تخلفك عن الجماعة أو عدم إباحته ينبنيان على ما إذا وجد من يقوم بالتمريض غيرك أو عدم وجوده، وقد ذكر أهل العلم أنه يجوز التخلف عن الجمعة والجماعة لتمريض المريض لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد، وهو يتجهز للجمعة فأتاه بالعقيق، وترك الجمعة. كما في البخاري.

قال صاحب الروض في أعذار ترك الجمعة والجماعة : ... أو لم يكن من يمرضهما غيره. اهـ.

والمظنون أن هذا لا يصدق عليك، فالمستشفى فيه غالبا من يقوم على تمريض المرضى والعناية بهم كما لا يخفى، إلا أن يكون قلبك معلقا بالوالد مشغولا به عند تركك له فهذا عذر عند بعض أهل العلم.

قال النووي رحمه الله في شرح المهذب: فإن كان له غيره يتعهده لكنه يتعلق قلبه به فوجهان حكاهما جماعة منهم صاحب البيان أصحهما أنه عذر لأن مشقة تركه أعظم من مشقة المطر ولأنه يذهب خشوعه انتهى.

ولعل ذهابك إلى الصلاة ودعاءك لوالدك بالشفاء يكون سببا في شفائه إن شاء الله.

وأما بالنسبة لوالدك فيجوز له الجمع بين الصلاتين إذا كان يشق عليه أداء كل صلاة في وقتها، والمرض من الأعذار التي تبيح الجمع بين الصلاتين في المفتى به عندنا، ونحن نذكر لك خلاصة أقوال الفقهاء في الجمع لأجل المرض، ومن قال بجوازه وصفته مما جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في جواز الجمع للمريض: فذهب المالكيّة والحنابلة إلى جواز الجمع بين الظّهر والعصر وبين المغرب والعشاء بسبب المرض واستدلّوا بما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : « جمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بين الظّهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر » وفي رواية : « من غير خوف ولا سفر » وقد أجمعوا على أنّ الجمع لا يكون إلاّ لعذر فيجمع للمرض وقد ثبت « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر سهلة بنت سهيل وحمنة بنت جحش رضي الله عنهما لمّا كانتا مستحاضتين بتأخير الظّهر وتعجيل العصر والجمع بينهما بغسل واحد، ثمّ إنّ هؤلاء الفقهاء قاسوا المرض على السّفر بجامع المشقّة فقالوا : إنّ المشقّة على المريض في إفراد الصّلوات أشدّ منها على المسافر، إلاّ أنّ المالكيّة يرون أنّ الجمع الجائز بسبب المرض هو جمع التّقديم فقط لمن خاف الإغماء أو الحمّى أو غيرهما وإن سلم من هذه الأمراض ولم تصبه أعاد الثّانية في وقتها، أمّا الحنابلة فيرون أنّ المريض مخيّر بين التّقديم والتّأخير كالمسافر ، فإن استوى عنده الأمران فالتّأخير أولى، لأنّ وقت الثّانية وقت للأولى حقيقة بخلاف العكس، والمرض المبيح للجمع عند الحنابلة هو ما يلحقه به بتأدية كلّ صلاة في وقتها مشقّة وضعف. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 8154، عن رخصة الجمع بين الصلاتين للمريض, و الفتوى رقم: 6846، عن أقوال الفقهاء في حكم الجمع بين الصلاتين لأجل المرض .

وأما كيف يصلي في آخر الوقت ... إلخ , فإن العقل مناط التكليف، فإذا كان عقله يغيب ولم يفق من البنج تماما فإنه لا يطالب بالصلاة حتى يفيق ويرجع إليه عقله، فيصلي ولو بعد خروج الوقت قضاء, وانظر للأهمية الفتوى رقم 51679، عن وجوب القضاء على من غاب عقله بالبنج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني