الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم إذا أخذ بقول من يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي

السؤال

أنا رجل متعلم ومتزوج منذ 9 سنوات، رزقني الله في خلالها بولد وبنت، وأنا عصبي المزاج وأثور لأتفه الأسباب وذلك خلافا لطبيعتي قبل الزواج، ولكني ابتليت بديون كثيرة بسبب فشل مشروع تجاري وزيادة نفقات المعيشة، وزادت الديون علي مر السنوات وعملت أكثر من عمل لسدادها ولكن باءت المحاولات بالفشل بل وزيادتها وقد اتخذت قراراً للسفر للخارج، ولكن في خلال تلك المدة وقعت خلافات كثيرة بيني وبين زوجتي بسبب تعنتنا معا ونفاذ صبري وضغوط الحياة والديون، وحدث أني قلتها لها أنت طالق. وذلك كالآتي:
أولهما: كانت بعد زواجي بفترة وإنجابي لابني الأول وتشاجرنا فطلبت مني الطلاق وقالت طلقني فرددت عليها مباشرة أنت طالق. وكان بلا شهود وكنت قد واقعتها في ذلك الطهر ولكني ندمت لأني لم أرد أنا ولا هي المفارقة. وقالوا لي ردها فقلت لها رديتك ولم نسجل ذلك الطلاق ولم نشهد شهودا سوى أخي في الرجعة.وثانياً: كانت هي حاملا بالطفل الثاني وكانت دائمة الشجار مع إخوتي ووالدتي حيث إنني أقطن في شقة فوقهم، وكنت نائما صباحا واستيقظت على صوتهم العالي فنزلت وعندما وجدتها تصرخ في وجه أمي قلت لها أنت طالق. وعاتبوني جميعا واستغفرت الله وغسلت وجهي وقالوا لي ردها فرددتها وذلك أيضا دون تسجيل ولكن كانت أمام إخوتي وأبي وأمي.والثالثة: أنها أيضا تشاجرت معي بسبب إخوتي وأمي وعلا صوتنا وقالت لي أريد أن أسافر إلي أهلي فأخذتها في السيارة هي والأولاد وأنا في قمة الغضب لأني كنت راجعا من عملي ولم تتركني حتي أوصلها إلي القطار . وفي السيارة تجدد النقاش والشجار فطلبت منها أن تصمت وازدادت شجاراً فسببتها ثم ضربتها ثم سببت أهلها فسبت أهلي فقلت لها أنت طالق يا بنت الـ..... علشان ترتاحي وتريحيني ودي تبقي الثالثة يا بنت الـ...... وغوري أنزلي أنت والعيال يا بنت الـ..... من العربية وكنت ارتعش من شدة الغضب ولو معي سلاح لقتلتها في ذلك الوقت، بعد ذلك بيومين أرسلت لها رساله قلتلها ارتحتي لما خلصتي، عجباكي القعدة لوحدك افرحي وانبسطي لما تبقي بين البنات لوحدك، أما أنا عند ما هدأت سريرتي وعاد إلي رشدي استخدمت شبكة الإنترنت للتعرف أكثر علي أحكام الطلاق ورأيت كثيرا من الفتاوى للشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ القرضاوي ومن الأئمة الشيخ ابن القيم وغيرهم ممن أسقطوا الطلاق البدعي وطلاق الغضبان، ونظراً لعلمي أن الأولى والثالثة حدث بعد جماع وفي حالة غضب والحقيقة أنه دخل في نفسي راحة وقناعة بإسنادهم بالرغم أني لست دارسا للفقه، واتصلت بها وقلت لها فتاوى الشيخ ابن باز والشيخ القرضاوي وابن القيم وابن تيمية ورجعت وعشنا معا سنه لم تخلوا أيضا من الشجار لكن لم يحدث شيء، حتي حدث إنها كانت تشاهد قناة اسمها قناة الناس وسأل سائل الشيخ عن الطلاق فقال له يقع في جميع أحواله وبجميع مسمياته وليس به استثناء فانقلب البيت رأسا على عقب واشتعلت النار في المنزل لدرجة أنني بعد أن كنت مقتنعا ومطمئنا لفتاوي الشيخ ابن باز والدكتور يوسف القرضاوي صرت في حيرة وصدمة.فاتصلت بذلك الشيخ وشرحت له الأمر وحالة الغضب فقال لي الغضب الذي يبطل الطلاق هو الذي لا يعلم الإنسان من هو وأين ولا يعلم ما يقول، ولا يعلم إن كان الوقت نهاراً أو ليلا والحق أني لم أصادف في حياتي من غضب بهذا الشكل. فسألته رأي الشرع إذا سألت شيخا آخر مثل ابن باز وكنت لا أعلم أنه توفي رحمة الله عليه أو سألت الشيخ القرضاوي أو أخذت برأي الشيخ ابن القيم أو غيره من العلماء الأجلاء ممن أنكروا وقوع الطلاق البدعي فرفض وقال قد أفتيتك فالتزم بما أفتيتك به، فأفتوني يرحمكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فالذي عليه أكثر أهل العلم أن الطلاق البدعي واقع رغم حرمته، وهذا هو الراجح عندنا والذي نفتي به، وانظر الفتوى رقم: 5584، وانظر في حكم الطلاق في الغضب الفتوى رقم: 1496، وقد كان الأولى أن ترجع أولاً لأهل العلم الموثوق بهم ليفتوك في مسألتك، لكن إذا كنت قد أخذت بقول بعض العلماء ممن يقول بعدم وقوع الطلاق البدعي، وكان ذلك لاطمئنان قلبك أن هذا هو القول الصواب في المسألة فلا إثم عليك -إن شاء الله- جاء في فتاوى ابن عليش: (وسئل) عمن يشتغل بطرف من العلم إذا وجد في كتب الفقه خلافاً في مسألة بين العلماء والأصحاب هل يحل له أن يعمل على قول من أراد منهم أو يجب عليه استفتاء عالم البلد؟ فأجاب: إذا كان ذلك الكتاب مشهوراً بين الناس معروفاً لبعض أرباب المذاهب جاز أن يعتمد على ما يذكر فيه إذا لم يكن محتملاً لأمر آخر ومقيداً به. والأولى أن يسأل المفتى عن ذلك وإن كان محتملاً للتعليق على شرط وقيد آخر ينفرد بمعرفته المفتي لم يجز له الاعتماد عليه. فتاوى ابن عليش. وانظر لذلك الفتوى رقم: 5583.

والذي ننصحك به أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدك وتعمل بما يفتيك به.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني