الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبل تقويم اعوجاج الأخت المنحرفة

السؤال

لي أخت تبلغ من العمر 17 سنة وتتبرج وتضع عطرا وتقوم بأعمال لا أتحملها وتجلس مع جارتنا فوقنا وأنا لا أحب من البنت أن تجلس خارج بيتها كثيرا وتجلس أمام ابن عمي بملابس لا تسترها بالكامل مع العلم أننا تربينا كلنا بمنزل واحد، ولكن ابن عمي كبر ويبلغ من العمر 16 عاما، مع العلم أيضا أنني استخدمت أساليب كثيرة ولم تأت بنتيجة مثل الضرب والمحادثة الهادئة بدون تعصب والخصام والتحدث مع إثباتات من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأقاويل من الدين ولم يأت كل ذلك بفائدة، فماذا أفعل؟ وقمت آخر مرة بالتبرئة منها وقلت لها أمام ولداتي أنني لا شأن لي بها حتى لو دخلت تستغيث بي، فهل هذا حرام أم حلال؟ وآسف للإطالة عليكم وأرجو منكم إفادتي، لأن الأمور مختلطة علي وخائف من الله؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكرك أولا على غيرتك على أختك وعرضها وهذا من شأن المؤمن، فجزاك الله خيرا، وللفائدة راجع الفتوى رقم: 95663.

وقد أحسنت بإنكارك عليها ما تقوم به من منكرات كالتبرج ونحوه، ولا شك أنه لا يجوز لها أن تبدي شيئا من محاسنها أمام ابن عمك، أو تمكنه من الخلوة بها، ولا يجوز لها أن تخرج إلى بيت الجيران إن كان خروجها تترتب عليه مفاسد، ولا ينبغي لها الإكثار من الخروج، فالأصل في المرأة قرارها في بيتها، لقول الله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب: 33 }.

ونوصيك بالصبر عليها والاستمرار في نصحها مع توخي الرفق واللين، وإن لم ترتدع ورجوت أن ينفعها الهجر فاهجرها، وإن خشيت أن يزيدها الهجر عنادا فترك هجرها أولى، وراجع ضوابط الهجر بالفتوى رقم: 62969.

والتبرؤ المذكور إن كنت تعني به أن تتبرأ من أفعالها السيئة فهو جائز، فقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.

وأما الدفاع عنها في وقت تحتاج فيه إلى نصرتك لها من ظالم فواجب إن كنت قادرا على ذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالما، أو مظلوما، قيل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما، فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: تحجزه عن الظلم، فإن ذلك نصره. رواه البخاري.

وفي الحديث الآخر: ما من امرئ يخذل امرءا مسلما عند موطن تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته. رواه أحمد.

قال شمس الحق آبادي في عون المعبود: والمعنى ليس أحد يترك نصرة مسلم مع وجود القدرة عليه بالقول أو الفعل عند حضور غيبته، أو إهانته، أو ضربه، أو قتله إلا خذله الله. اهـ.

وإذا كان وليها موجودا فهو المسئول عنها، وعليه أن يأخذ بيدها ويمنعها من التصرفات المخالفة للشرع، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم: 6}

وإذا كنت أنت وليها فيجب عليك القيام بذلك، ولا تنس الدعاء لها بالتوبة والهداية، فالقلوب بين يدي علام الغيوب يقلبها كيف يشاء، قال تعالى: فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأنعام 125}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني