الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل حول الوسوسة في الطلاق وهل يقع الطلاق بمجرد حركة اللسان

السؤال

أرجو منكم قراءة سؤالي تفصيلا: أنا شخص متزوج منذ ما يقارب الأربعة أشهر والحمد لله، لكن يا إخوان يعلم الله منذ زواجي في الشهر الأول حدثت لي أمور قلبتني رأسا على عقب بدأت في الشهر الأول وساوس تلاحقني في أمور العقيدة الزوجية فحسست ذاك اليوم بأنني أتلفظ الطلاق في داخلي فقلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فكنت أجر نفسي لها وسألت أحد المفتين ـ جزاهم الله خيرا ـ فقال لي هذا حديث نفس ولا تنجر وراءه فقلت آمنت بالله وعليه توكلت فبدأت أمشي مع الأيام ولا أدري إلا وأنا قد انجريت وراءها فقمت أتحسس بأنني تلفظت الطلاق من غير نية ولا قصد وأقول في نفسي إنني لم أتلفظ وهذا مجرد تحريك لسان فقط ومن بعدها وأنا في أسئلة لم أجد لنفسي مخرجا منها هل وقع الطلاق؟ هل لم يقع؟ على كل حال أريد أن أفصل أسئلتي باختصار شديد لكم:
السؤال الأول: هل تحريك اللسان بلفظ الطلاق دون أن أسمعه يقع به الطلاق؟.
السؤال الثاني: هل إذا سألت أحد المشائخ وتلفظت له بالطلاق بلفظ صريح وذلك من أجل السؤال يقع به الطلاق؟.
السؤال الثالث: هل كتابتي في جهاز الابتوب على موقع معين هل تريدين أن تكوني ط يقع به الطلاق وذلك للتأكد بأن سؤالي للمفتي لا يقع به شيء؟.
السؤال الرابع: متى يقع طلاق الموسوس المختار له مع العلم بأنني كل ما جلست في أي مكان أجد في داخلي لفظ الطلاق؟.
السؤال الخامس: أنا لم أعد أميز بين نيتي واختياري للطلاق وبين الوساوس يعني في أي مشادة بيني وبين زوجتي ولو كانت بسيطة لا أعلم هل أنا قصدت واخترت أو لا؟ وهل هذا الشيء من الوساوس التي حيرتني في هذا الشيء؟ إخواني من فرج كربة عن مسلم فرج الله عنه كربة من كرب الدنيا والآخرة بإذنه أرجوكم أنا في حيرة من أمري علما بأنني أتعالج عند طبيب نفسي منذ ما يقارب الشهرين وقد قال لي الطبيب بأن لديك الآن رخصة شرعية وأريد أن أوضح لكم بأن الطبيب قد قال لي بأن الطلاق لا يقع إلا إذا جلس الإنسان مع نفسه وفكر مرات ومرات وقرر ولا يقع بتلك الأمور وبعض أهل العلم يقولون الطلاق الصريح يقع بمجرد التلفظ به صريح والله العظيم احترت وأخاف على نفسي في أن أقع في دوامة لا مخرج لي منها، أسألكم بالله أن تقرءوا سؤالي تفصيلا وتجيبوني وسوف أستقبل القبلة وأدعو لكم من كل قلبي أنا محتار ونفسيتي تعبانة بسبب تلك الأمور علما بأن لي ثلاثة أشهر على هذا الموضوع أجيبوني بكل تفصيل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء في مجرد تحريك اللسان بالطلاق من غير أن يسمع المرء نفسه هل يقع به الطلاق أو لا؟ فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه لا يكفي مجرد حركة اللسان من غير أن يسمع نفسه، ففي الفتاوى الهندية في الفقه الحنفي قولهم في معرض الكلام عن القراءة في الصلاة: وأما حد القراءة فنقول تصحيح الحروف أمر لا بد منه، فإن صحح الحروف بلسانه ولم يسمع نفسه لا يجوز وبه أخذ عامة المشايخ هكذا في المحيط وهو المختار، هكذا في السراجية وهو الصحيح، هكذا في النقاية وعلى هذا نحو التسمية على الذبيحة والاستثناء في اليمين والطلاق والعتاق والإيلاء والبيع. اهـ.

وفي مغني المحتاج في الفقه الشافعي قول الشربيني: تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يقع طلاق بنية من غير لفظ وهو كذلك ولا بتحريك لسانه بكلمة الطلاق إذا لم يرفع صوته بقدر ما يسمع نفسه مع اعتدال سمعه وعدم المانع، لأن هذا ليس بكلام. اهـ.

وفي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي قوله: وإن تلفظ به، أو حرك لسانه وقع طلاقه ولو لم يسمعه. اهـ.

ولم نجد للمالكية نصا في هذه المسألة، ولكن المعروف عنهم أنهم يقولون بالإجزاء بمجرد حركة اللسان في القراءة في الصلاة وكذا في الاستثناء في اليمين ونحو ذلك، قال خليل في مختصره عند الكلام عن فرائض الصلاة: وفاتحة وإن بحركة لسان وإن لم يسمع بها نفسه.

وقال وهو يبين شروط الاستثناء في اليمين: ونطق به وإن سرا بحركة لسانه.

وقد أخذت دار الإفتاء المصرية بقول الجمهور حيث قالوا: فلو طلق بحيث صحح الحروف ولكن لم يسمع نفسه لا يقع طلاقه.

وبما أنك موسوس فإنا نفتيك بأن تأخذ بهذا القول وهو أنه لا يقع الطلاق بحركة اللسان من غير إسماع النفس، وأما حكاية الطلاق من غير قصد إنشاء طلاق فلا يقع به الطلاق، وراجع الفتوى رقم: 48463.

وكذا كتابة الزوج عبارة: هل تريدين الطلاق ـ لا يقع بها الطلاق، لأنه من جهة مجرد استفهام، ومن جهة أخرى لم يقصد بذلك إيقاع الطلاق.

ويقع الطلاق إذا تلفظ به الزوج حال الاختيار، وأما إن تلفظ به بدافع الوسوسة فلا يؤثر، والموسوس غالبا ليس له اختيار ولا قصد، بل هو كالمكره، أو المجنون فما صدر عنه في هذه الحالة من طلاق وغيره لا أثر له، وقد ذكرنا كلام الشيخ ابن عثيمين بهذا الخصوص بالفتوى رقم: 147855.

وننصحك بمدافعة هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها وتذكر دائما أن يقين الزواج لا يزول بالشك في الطلاق ولا تكثر من السؤال بخصوصه، فإن كثرة الأسئلة لن تزيدك إلا مزيد حيرة واضطراب واجتهد في علاج هذه الوساوس، ولمعرفة كيفية علاجها راجع الفتوى رقم: 3086.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني