الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من ترك شرطا من شروط الصلاة جهلا

السؤال

ما حكم نسيان الحكم الشرعي لوضوء وصلاة من كان في سرواله الداخلي بقع من البول، لأنني منذ حوالي أربع سنوات كنت أرى بقع البول على سروالي الداخلي، ولكنني لم أكن أهتم بها وكنت أتوضأ وأصلي بوجودها، فاكتشفت مؤخرا أنه تخرج مني قطرات من البول بعد التبول لمدة عشرين دقيقة، وكنت أبول ثم أتوضا ثم أصلي وكانت قطرات البول تستمر بالنزول، فما حكم جميع وضوئي وصلواتي خلال تلك المدة؟ سواء كان البول موجودا على السروال الداخلي، أو كان يخرج خلال الصلاة؟ علما بأنني كنت ناسيا الحكم الشرعي لذلك، وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فإن من المعلوم أن الطهارة شرط من شروط صحة الصلاة، لقوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {المدثر : 4}.

فمن صلى وهو متلبس بنجاسة عالما لم تصح صلاته، ومن صلى بها جاهلا أو ناسيا، فمن العلماء من يرى أن عليه القضاء ومنهم من يرى عدم وجوب القضاء، وتفصيل ذلك مبين في الفتوى رقم: 6115

هذا فيما يتعلق بالصلاة حال التلبس بالنجاسة، أما من تنزل منه قطرات البول أثناء الصلاة فإن صلاته باطلة لانتقاض وضوئه ولو كان ناسيا، وقد كان على السائل أن ينظر في حالته، فإن كان نزول البول مستمرا بحيث لا يتوقف عنه وقتا يسع الوضوء والصلاة قبل خروج الوقت، فإنه يأخذ حكم صاحب السلس، فيتحفظ ويتوضأ لكل صلاة ويصلي وتصح صلاته، وإن كان ينقطع زمنا يسع الطهارة والصلاة من غيرأن يخرج فليس له حكم السلس، فيجب التطهر منه وإعادة الوضوء إذا خرج قبل الصلاة وبعد الوضوء، وإن نزل أثناء الصلاة أبطلها وخلاصة القول أن ما صليته من صلوات على تلك الحالة دين في ذمتك يجب عليك قضاؤه، ويجب عليك القضاء حسب طاقتك بما لا يضر ببدنك، أو معيشة تحتاجها، فإن لم تعلم عدد الصلوات قضيت ما يغلب على ظنك أنه يفي بها وبذلك تبرأ ذمتك ـ إن شاء الله تعالى ـ إذ لا تستطيع غير ذلك، قال ابن اعثيمين ـ رحمه الله تعالى: القول الراجح أنه إذا صلى بالنجاسة ناسيا، أو جاهلا، فإن صلاته صحيحه مثل لو أصاب ثوبه نجاسة تهاون في غسلها أي لم يبادر بغسلها ثم صلى ناسيا غسلها، فإن صلاته تصح، لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا {البقرة: 286} وكذلك الحال لو كان جاهلا بها لم يعلم بها إلا بعد أن صلى، والفرق بين من صلى محدثا ناسيا، أو جاهلا، حيث يجب عليه إعادة الصلاة دون من صلى بنجاسة ناسيا، أو جاهلا حيث لا يجب عليه إعادة الصلاة أنه في مسألة الحدث ترك مأمورا، وترك المأمور ناسياً، أو جهلا يسقط الإثم بتركه، لكن لا يسقط إعادة الصلاة، أو العبادة على وجه صحيح بأنه يمكن تلافي ذلك، وأما من صلى بثوب نجس ناسيا، أو جاهلا فإن هذا من باب فعل المحظور، وفعل المحظور ناسيا، أو جاهلا يسقط به الإثم لجهله ونسيانه، وإذا سقط الإثم صار لم يفعل محرما فسقوط إثمه عنه بالجهل والنسيان وحينئذ تكون الصلاة كأنه لم يفعل فيها هذا المحرم. انتهى من فتاوى نور على الدرب ببعض التصرف.

وانظر لمزيد البيان حول كيفية القضاء الفتوى رقم: 70806 وانظر الفتوى رقم: 148707 لبيان ما يلزم من يستمر منه نزول البول زمنا بعد التبول. ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 156607

وإن كنت جاهلا في جميع ما حصل لك، فإن من أهل العلم من يرى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة، أو ركنا من أركانها جهلا بوجوبه لم يلزمه قضاء ما مضى في حال جهله وهو قول شيخ الإسلام بن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 125226

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني