الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صلاة من أدرك الإمام في التشهد الأوسط فكبر وظل واقفا

السؤال

ما حكم صلاة المسبوق الذي دخل إلى الصلاة والإمام في التشهد الأول فكبر تكبيرة الإحرام وتكبيرة أخرى وظل واقفا، ثم قام الإمام للركعة الثالثة؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:

فقد كان على الشخص المذكور بعد أن دخل مع الإمام في الصلاة أن يتابعه ويدخل معه في الحالة التي أدركه عليها، وهي الجلوس هنا، ولا يطالب بتكبيرة غير تكبيرة الإحرام في هذه الحالة، وحيث إنه أحرم مع الإمام واستمر قائما لم يجلس مع الإمام حتى قام الإمام، فقد فعل مخالفة حيث لم يتابع إمامه في موضع تجب عليه فيه متابعته، أما من حيث البطلان ففي ذلك تفصيل، فإن كان جاهلا ـ وهو المتبادر ـ فالظاهر بطلان صلاته مثل المأموم إذا قام عن التشهد الأول نسيانا ولم يعد إلى الإمام، ولم ينو المفارقة، فقد نص فقهاء المذهب الشافعي على بطلان صلاته ومثله الجاهل فيما قالوا، ولا شك أن القضاء أحوط على كل حال، أما إذا كان متعمدا فقد ذكروا أن قيام المأموم عن التشهد الأول عمدا وتقدمه على الإمام إلى القيام لا تبطل به صلاة المأموم، قال النووي في المجموع: إذا أدرك المسبوق الإمام بعد فوات الحد المجزئ من الركوع فلا خلاف أنه لا يكون مدركا للركعة، لكن يجب عليه متابعة الإمام فيما أدرك وإن لم يحسب له، فإن أدركه في التشهد الأخير لزمه أن يجلس معه ـ إلى أن قال: قال أصحابنا: ولا يجب التشهد على هذا المسبوق بلا خلاف بخلاف القعود فيه فإنه واجب عليه بلا خلاف، لأن متابعة الإمام إنما تجب في الأفعال وكذا في الأقوال المحسوبة للإمام ولا يجب في الأقوال التي لا تحسب له، لأنه لا يخل تركها بصورة المتابعة بخلاف الأفعال. انتهى.

وفي حاشيتي قليوبي على منهاج الطالبين في الفقه الشافعي: لو قام المأموم عن التشهد وانتصب والإمام فيه أو نزل إلى السجود عن القنوت والإمام فيه حيث قالوا إنه إن كان ساهيا أو جاهلا وجب عليه العود إلى الإمام أو عامدا عالما خير بين العود وبقائه حتى يلحقه الإمام والأفضل له العود. انتهى.

وفي الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني في الفقه الشافعي أيضا: وإذا انتصب المأموم ناسيا وجلس إمامه للتشهد الأول وجب عليه العود، لأن المتابعة آكد مما ذكروه ومن التلبس بالفرض ولهذا سقط بها القيام والقراءة عن المسبوق، فإن لم يعد بطلت صلاته إذا لم ينو المفارقة، فإن قيل إذا ظن المسبوق سلام إمامه فقام لزمه العود وليس له أن ينوي المفارقة، أجيب بأن المأموم هنا فعل فعلا للإمام أن يفعله ولا كذلك في المستشكل بها، لأنه بعد فراغ الصلاة فجاز له المفارقة لذلك، أما إذا تعمد الترك فلا يلزمه العود، بل يسن له كما رجحه النووي في التحقيق وغيره وإن صرح الإمام بتحريمه حينئذ وفرق الزركشي بين هذه وبين ما لو قام ناسيا حيث يلزمه العود كما مر بأن العامد انتقل إلى واجب وهو القيام فخير بين العود وعدمه، لأنه تخير بين واجبين بخلاف الناسي فإن فعله غير معتد به، لأنه لما كان معذورا كان قيامه كالعدم فتلزمه المتابعة كما لو لم يقم ليعظم أجره والعامد كالمفوت لتلك السنة بتعمده فلا يلزمه العود إليها. انتهى.

والظاهر أنه لا فرق بين ما ذكروه في هذه المسألة والحالة المسئول عنها من حيث الحكم، والتكبيرة التي أتى بها الشخص المذكور بعد تكبيرة الإحرام هي في غير محلها، لكن لا تبطل الصلاة بها، لأنه ذكر مشروع في الصلاة جيء به في غير محله وقيل يسجد لسهوه، وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 124669

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني