الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العشرة بالمعروف هي السبيل لدوام الحياة الزوجية

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع.
تزوجت من شاب من قرية تابعة لمركزنا، هذا الشاب يعمل بالسعودية، تزوجت وجلست في شقة في بيت والده بعد أن أعددناها وفرشناها جيدا، وهو كان على وعد مع أهلي بأن يترك لهم مفتاح الشقة بعد سفرنا، ولكني فوجئت يوم السفر بأن رفض إعطائي وإعطاء أهلي مفتاح الشقة، وقال لأبي بأن والده هو الذي أراد ذلك. وهذا الموقف تسبب في خلاف بين الأسرتين، وسافرت معه وحملت منه هناك. وذهبت لأهلي كي أضع عندهم، ووضعت ولم يطلب مني مطلقا الذهاب إلى شقتي، وسافرت مرة أخرى إلى السعودية وقضيت عاما آخر. وعند نزولي إلى أهلي لم يطلب مني أن أذهب إلى شقتي، ولكنه طلب مني أن أذهب إلى والدته كي أسلم عليها قبل أن تسافر إلى السعودية. ولكن والدي رفض وقمت بإبلاغه بأن أبي يرفض ذهابي إلى أسرته لعدم سؤالهم عني حين وصولي، ولسوء المعاملة بعدم إعطائي مفتاح شقتي لأن هذا يعتبر مسكنا لي، فقال لي إن لم تذهبي فلن تأتي إلى السعودية مرة ثانية، وقام بالاتصال بأبي، فعلل له أبي عدم موافقته على الذهاب إلى أهله، علما بأني اكتشفت أنه يكذب علي في أشياء كثيرة بعد زواجي، وراتبي الذي أتقاضاه من عملي يعتبره له ويأخذه مني بالكامل، وكنت على وعد منه بأني لن أسكن في السعودية بجوار أهله معللا هذا بأن القرب يؤدي إلى مشاكل، وكان اتفاق بيني وبينه، ولكنه بعد ذهابنا إلى السعودية أصر وأرغمني على السكن بجوارهم، وهذا الأمر يشعرني بعدم الراحة، ولكنه ينظر إلى رغبات أهله فقط، ومن حين تحدث مع أبي وإلى الآن لم يتصل بي نهائيا على الرغم من أني أرسلت له رسالة تهنئة بالشهر الكريم، ولكنه لم يقم بأي رد علي نهائيا ولم يقم بالسؤال عن ابنته. فماذا أفعل؟
وأود أن أعرف تقييمكم لهذه الشخصية.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نص الفقهاء على أن من حق الزوجة على زوجها أن يوفر لها مسكنا مستقلا، وقد سبق أن بينا ذلك بالفتوى رقم: 34811، فيجب على زوجك أن يوفر لك هذا السكن ولو عن طريق الأجرة. ولا يلزم زوجك تسليمك مفتاح الشقة بمجرد وعده لأهلك بذلك، فالوفاء بالوعد مستحب في قول جمهور الفقهاء وليس بواجب، وانظري الفتوى رقم :17057 ففيها بيان أقوال الفقهاء في حكم الوفاء بالوعد. ولكن إن تم الاتفاق على أنها من المهر فيجب عليه تسليمها لكم. وأما طاعة الوالد فواجبة في المعروف فقط، فإن أدت إلى الوقوع في الحرام فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وعلى تقدير كون هذه الشقة ليست من المهر فما أنفقت في إعداد الشقة وفرشها فلك الحق في الرجوع به، لأن الظاهر أنه لم يتحقق المقصود بمساعدتك في تأسيس الشقة.

قال المواق في التاج والإكليل نقلا عن المتيطي عند قول خليل: إلا أن تهبه لدوام العشرة: إن كانت الهبة بعد العقد على أن لا يتزوج أو لا يتسرى أو لا يخرجها تمت له ما أقام على شرطه، وله مخالفة شرطه فترجع عليه بما وضعته.اهـ. أي إن خالف شرطه رجعت عليه.

وينبغي أن تسود المودة ويكون الاحترام بين أهل الزوج وأهل الزوجة لما بينهما من المصاهرة. فذهابك لوداع والدة زوجك وإن لم يكن واجبا عليك إلا أنه مما ينبغي أن تفعليه خاصة مع أمر زوجك لك بذلك. ومجيء أهل زوجك لزيارتك بعد قدومك من السفر وإن لم يكن واجبا عليهم إلا أنه مما ينبغي لهم فعله لتقوية الصلة واستدامة العشرة بينكم، وإسكان زوجك لك في السعودية بقرب أهله إن كان في مسكن مستقل فلا حرج عليه في ذلك، وإن لم يكن المسكن مستقلا فليس له الحق في أن يفعل ذلك من غير رضاك. وأما امتناعه عن أخذك للإقامة معه في السعودية فمن حقه ذلك إلا أنه لا ينبغي له أن يجعل ذلك عقوبة على امتناعك من تنفيذ ما أمرك به من الذهاب إلى أهله. ومما ينبغي أن يعلم هنا أنه لا يجوز له أن يغيب عنك أكثر من ستة أشهر بغير رضاك، وراجعي الفتوى رقم: 10254.

وراتب الزوجة حق خالص لها لا يجوز للزوج أن يأخذ شيئا منه إلا بطيب نفس منها، وما أخذ بغير رضاها فهو ظالم به، ويجب عليه إرجاعه إلى زوجته ما لم تعف عنه. وراجعي الفتوى رقم: 42518

وكذب الزوج على زوجته أو الزوجة على زوجها مما رخص الشرع فيه، ولكن لذلك قيود وضوابط قد بيناها بالفتوى رقم: 64846.

فالذي نوصي به في الختام هو أن يسود بينكما التفاهم والاحترام، وأن تسعي في الصلح وتوسيط أهل الخير في ذلك.

وأما تقييم شخصيته فليس ذلك من شأننا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني