الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التشكيك في إمكانية رؤية الجن ليس شركا أكبر ولا أصغر

السؤال

هل الشيطان أو أحد من الجن يكون في المرآة؟ وهل يمكن أن نرى ما علينا من جن أو شياطين بالنظر في المرآة؟ والأهم، هل يصح أو يجب كتابة الاستعاذة ـ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ـ على المرآة؟ وبالتالي هل يمكن الدعاء أثناء النظر للمرآة؟ وهل التشكيك في أمور كهذه إن كانت صحيحة، لعدم التأكد من المعلومة أو اعتقادها إن كانت خطأ يعد شركا أو كفرا مخرجا من الملة والعياذ بالله؟ وإن كان كذلك فهل على المرء الشهادتان والغسل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإننا لم نطلع على ما يدل على أن الشيطان أو الجني يكون في المرآة، أما رؤية الإنسان للجني فهي ممكنة شرعا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 5241، ولا تجب كتابة الاستعاذة على المرآة ولا يطالب بذلك، لكن لا مانع منه شرعا إذا لم تتعرض للامتهان، كما يجوز الدعاء أثناء النظر إلى المرآة، لكن لم يرد في ذلك حديث صحيح وقد ورد فيه حديث ضعفه بعض أهل العلم، كما تقدم في الفتوى رقم: 108215.

أما التشكيك فيما ذكر فلا يعتبر شركا أكبر ولا شركا أصغر، لأن وجود الجني أو الشيطان في المرآة ورؤيته للإنسان من خلال النظر فيها لا مستند له شرعا، بل إن إنكار رؤية الجن، لا يعتبر شركا ولا ردة، لأن رؤيتهم ليست مما أجمع عليه ولا مما علم من الدين ضرورة، لكنها جائزة شرعا وعقلا، ولا ينبغي إنكارها، ففي مرقاة المصابيح على مشكاة المصابيح عند شرح الحديث الذي رواه أبوهريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَام رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا ـ رواه البخاري: فيه دليل على جواز رؤية الجن، قال الخطابي: في الحديث دليل على أن رؤية الجن للبشر غير مستحيلة، والجن أجسام لطيفة، والجسم وإن لطف فدركه غير ممتنع أصلاً، وأما قوله تعالى: إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ـ فإن ذلك حكم الأعم الأغلب من أحوال بني آدم، امتحنهم الله بذلك وابتلاهم ليفزعوا إليه ويستعيذوا به من شرهم ويطلبون الأمان من غائلتهم، ولا ينكر أن يكون حكم الخاص والنادر من المصطفين من عباده بخلاف ذلك، وقال الكرماني: لا حاجة إلى هذا التأويل، إذ ليس في الآية ما ينفي رؤيتنا إياهم مطلقاً، إذا المستفاد منها أن رؤيته إيانا مقيدة من هذه الحيثية، فلا نراهم في زمان رؤيتهم لنا قط، ويجوز رؤيتنا لهم في غير ذلك الوقت. انتهى.

وفهم أكثر العلماء منها العموم، حتى قال الشافعي: من زعم أنه يرى الجن على صورهم التي خلقوا عليها أبطلنا شهادته. اهـ واستدل بهذه الآية. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 8106.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني