الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز إعانة غير المسلم على ما هو محرم في الإسلام

السؤال

أرجو من القائمين على الموقع الكريم أن يشرحوا لنا كيفية معاشرة الوالدين الكافرين أو الفاسقين وكذلك كيفية معاشرة الزوجة الكتابية؟ أي هل يُغتفر في حقهم مالا يُغتفر في حق غيرهم مثال ذلك: لو أمرتني أمي بوضع القنوات الفضائية العامة والتي فيها بعض الأغاني والمسلسلات ونحو ذلك، فهل لي أن أطيعها من باب المصاحبة في الدنيا بالمعروف ونحو ذلك، علماً بأنني لا أتكلم عن المعاونة في الإثم والعدوان المتعدي على الغير كإعانة والدي الفاسقين أو زوجتي الكتابية على ظلم الآخرين أو على ما يضرهم في أبدانهم كالمخدرات ونحو ذلك، أرجو التفصيل والإيضاح وذكر مذاهب العلماء واختلافاتهم المعتبرة في هذا الباب وإن كانت مرجوحة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق الوالدين في البر والإحسان باق ولو كانا كافرين أو فاسقين، كما بينا بالفتوى رقم: 124401.

وكذلك الزوجة لها الحق في المعاشرة بالمعروف كالزوجة المسلمة، وانظر الفتوى رقم: 166485.

والراجح وهو قول الجمهور أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، قال ابن النجار في شرح الكوكب المنير: والكفار مخاطبون بالفروع ـ أي بفروع الإسلام ـ كالصلاة والزكاة والصوم ونحوها، عند الإمام أحمد والشافعي والأشعرية وأبي بكر الرازي والكرخي وظاهر مذهب مالك فيما حكاه القاضي عبد الوهاب وأبو الوليد الباجي. اهـ.

وراجع أدلة ذلك بفتوانا رقم: 20318.

وبالتالي، فلا يجوز للمسلم أن يعين والديه الكافرين أو زوجته الكتابية على شيء من المحرمات في ديننا، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان وهو منهي عنه شرعا بقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

وجاء في أحكام أهل الذمة لابن القيم: وقال في رواية محمد بن يحيى الكحال في الرجل تكون له امرأة أو أمة نصرانية تقول اشتر لي زنارا فلا يشتري لها تخرج هي تشتري، فقيل له جاريته تعمل الزنانير قال: لا، قال القاضي: أما قوله لا يشتري هو الزنار، لأنه يراد لإظهار شعائر الكفر فلذلك منعه من شرائه وأن يمكن جاريته من عمله، لأن العوض الذي يحصل لها صائر إليه وملك له وقد منع من بيع ثياب الحرير من الرجال إذا علم أنهم يلبسونها وكذلك بيع العصير لمن يتخذه خمرا. اهـ.

فالأمر إذاً ليس مقصورا على ما فيه ظلم لأحد، بل هو متعلق بما فيه إثم مطلقا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني