الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من سب العاملين للإسلام والسخرية منهم واتهامهم بالنفاق

السؤال

ما هو حكم من يسبون السلفيين، أو يقولون إنهم يعملون لمصالحهم الشخصية؟ و ما حكم من يقول إن السلفيين منافقون أو (متأسلمون) ؟و ما حكم من يقول إن من قال ذلك على السلفيين فقد كفر لأنه رأى أن اتباع الصحابة و فهم القرآن و السنة بطريقة صحيحة نفاق و كفر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز الاستهزاء بالمسلم والسخرية منه أو سبه، أياًّ كان وصفه ما دام مسلما، فذلك كله مما يحرم شرعا؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {الحجرات:11}. وهنالك ما هو أخطر وهو الاستهزاء بالمسلم لدينه، فهذا قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر كما بينا بالفتوى رقم 118350. وعلى هذا التفصيل ينبغي أن يكون الحكم على المستهزئ بالمؤمنين.

واتهام النوايا لا يجوز، فهو صفة من صفات المنافقين، قال تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {التوبة:79}. فينبغي للمسلم أن يترفع عن أن يتشبه بالمنافقين في صفة من صفاتهم.

ولا يجوز اتهام المسلم بالنفاق أو التظاهر بالإسلام من غير حقيقة، فإن المسلم مطالب بالحكم على الناس بظاهرهم لا أن يحكم على بواطنهم، فأمر السرائر إلى الله، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم. رواه البخاري و مسلم .

قال ابن حجر في فتح الباري: وكلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر، وقد قال صلى الله عليه وسلم لأسامة: هلا شققت عن قلبه. وقال للذي ساره في قتل رجل: أليس يصلي؟ قال: نعم، قال: أولئك الذين نهيت عن قتلهم. اهـ.

وقول المسلم لأخيه المسلم يا منافق من التنابز بالألقاب، روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله: {ولا تلمزوا أنفسكم} قال: لا يطعن بعضكم على بعض {ولا تنابزوا بالألقاب} قال: لا تقل لأخيك المسلم: يا فاسق يا منافق. أورده ابن حجر في فتح الباري.

وأما القول بأن من قال ذلك على السلفيين فقد كفر لأنه رأى أن اتباع الصحابة وفهم القرآن والسنة بطريقة صحيحة نفاق وكفر؟ فهذا قول غير صحيح، إذ لا يلزم من قوله هذا عن السلفيين أنه يستهزئ بالسلفية كمنهج أو أنه يطعن في الصحابة والتابعين، فهذا إلزام بما لا يلزم. وراجع للمزيد الفتاوى التالية أرقامها: 27066 - 60400 - 105965 - 117313 وهي متعلقة بالسلفية والسلفيين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني