الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاشتغال بالعلم بعد الفجر أفضل أم الجلوس في المسجد للذكر حتى تطلع الشمس

السؤال

داعية لا يجلس بعد الفجر وينام ويسهر أكثر الليل إلى الساعة الثانية بعد منتصف الليل ويقرأ في كتب أهل العلم وله ورد يوميا من القرآن لا يقل عن جزء، ويقول إن الجلوس بعد الفجر يكون غالبا لقراءة القرآن وللأجر الوارد إن صح وسهره مع محافظته على ورده أفضل فبم تنصحونه؟ علما أن وقته الصباحي مشغول فيه بعمله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفق هذا الأخ ويزيده من الخير ولا شك أن دراسة العلم الشرعي والسهر لذلك من أعظم العبادات وأفضلها إذا صحت النية، بل نص العلماء على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغال بنوافل الصوم والصلاة والتسبيح ونحو ذلك من نوافل عبادات البدن، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 69077.

والأفضل أن يضيف لهذا بعد أن يصلي الفجر في الجماعة أن يبقى جالساً في مصلاه يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس وتذهب حمرتها ثم يصلي ركعتين، اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن القيم في زاد المعاد مبينا هديه صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر: وكان إذا صلى الفجر جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس. اهـ.

وفي الحديث: من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة. رواه الترمذي، وحسنه ابن حجر.

ولو استطاع أن يجعل ورده من القرآن في الصباح أو يأخذ معه بعض الكتب ويطالعه بالمسجد ويجمع بين الحسنيين فهو أفضل، ولو ذهب لبيته واشتغل بالمطالعة حتى تشرق الشمس ويصلي الضحى فيرجى أن يحصل له هذا الثواب، فقد ذكر القاري في المرقاة أن هذا الثواب يحصل لمن انتقل عن مصلاه ـ ولو انصرف إلى بيته ـ إذا كان مشتغلاً بالذكر حتى تطلع الشمس، قال القاري في المرقاة: وعنه ـ أي عن أنس ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله ـ أي استمر في مكانه ومسجده الذي صلى فيه ـ فلا ينافيه القيام لطواف أو لطلب علم أو مجلس وعظ في المسجد، بل وكذا لو رجع إلى بيته واستمر على الذكر حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين. انتهى.

فإن لم يتيسر له الجمع بين الاستيقاظ بعد الفجر انتظارا للشروق وبين سهره في المطالعة فتقديم السهر في العلم أولى من انتظار الشروق، لأن العبادات التي يتعدى نفعها إلى الغير كطلب العلم وتعليمه أفضل من العبادات القاصر نفعها على النفس، ففي الحديث: فضل العلم خير من فضل العبادة. رواه الحاكم والطبراني والبزار, وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.

ونوصي هذا الأخ بالحرص على قيام الليل، ففي الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف أية كتب من المقنطرين. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع.

ولمزيد من الفائدة في فضل قيام الليل والترغيب فيه تراجع الفتوى رقم: 2115.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني