الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذين لهم الحق في القصاص أو التنازل عنه

السؤال

س: توفي أخي ـ رحمه الله ـ إثر مطاردة وتعرض لحادث مروري، ووالدنا متوفى وأخي رحمه الله ليس متزوجا وليس له أبناء، ووالدتنا لا تزال على قيد الحياة، وهو أخونا الشقيق من والدتي وعددنا نحن الأشقاء بنتان و3 أولاد ويوجد لنا أخوان وأخت غير أشقاء أخوان لنا من والدنا المتوفى، فهل يرثون دمه ولهم حق المطالبة والتنازل عن دمه؟ أم الحق لنا نحن الأشقاء ووالدتنا فقط؟ ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن مذهب الجمهور هو أن أولياء الدم الذين لهم الحق في القصاص أو التنازل عنه بالدية أو بدونها هم ورثة القتيل رجالهم ونساؤهم، وقد بوب على هذا أبو داود في سننه فقال: باب عفو النساء عن الدم.

وبوب عليه ابن تيمية في المنتقى فقال: باب في أن الدم حق لجميع الورثة من الرجال والنساء، وقد ذكرا في هذا حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة، قال أبو داود: بلغني أن عفو النساء في القتل جائز إذا كانت إحدى الأولياء.

وقَال ابن قدامة: القصاص حق لجميع الورثة من ذوي الأنساب والأسباب والرجال والنساء والصغار والكبار، فمن عفا منهم صح عفوه وسقط القصاص ولم يبق لأحد إليه سبيل، هذا قول أكثر أهل العلم، منهم عطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة والشافعي، وروي معنى ذلك عن عمر وطاووس والشعبي... ولنا عموم قوله عليه السلام: فأهله بين خيرتين ـ وهذا عام في جميع أهله، والمرأة من أهله... انتهى.

وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن المراد بالولي في الآية: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ـ الورثة من ذوي الأنساب والأسباب، والرجال والنساء، والصغار والكبار، فإن عفا من له ذلك منهم صح عفوه وسقط به القصاص، وتعينت الدية لمن لم يعف، وهذا مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والإمام أبي حنيفة والإمام الشافعي رحمهم الله تعالى....

ثم ذكر مذهب مالك في ذلك ثم قال: الذي يقتضي الدليل رجحانه عندي في هذه المسألة: أن الولي في هذه الآية هم الورثة ذكورا كانوا أو إناثا، ولا مانع من إطلاق الولي على الأنثى، لأن المراد جنس الولي الشامل لكل من انعقد بينه وبين غيره سبب يجعل كلا منهما يوالي الآخر، كقوله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض {9ـ 71} وقوله: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض… {الآية: 8 ـ75} والدليل على شمول الولي في الآية للوارثات من النساء ولو بالزوجية الحديث الوارد بذلك، قال أبو داود في سننه: باب عفو النساء عن الدم حدثنا داود بن رشيد، ثنا الوليد عن الأزواعي: أنه سمع حصنا، أنه سمع أبا سلمة يخبر عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: على المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كانت امرأة. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني