الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم المحرم بالحج إذا فعل مقدمات اللواط حتى أنزل

السؤال

ما حكم من فعل مقدمات اللواط حتى أنزل في أثناء أدائه لفريضة الحج علما أنه حج بعدها واستغفر وتاب ، فما يترتب عليه فعله من دم وغيره من الواجب عمله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :

فإن العجب لا يكادُ ينقضي ممن يكون في حرم الله وفي حمى بيته جاء ليؤدي المناسك ومع ذلك يقدم على ذلك الفعل القبيح المحرم فلا حول ولا قوة إلا بالله .
والذي يمكننا قوله هو أنه إذا لم يصل الفعل القبيح المشار إليه إلى حد الوطء فإن الحج لا يفسد به في قول جمهور أهل العلم , جاء في الموسوعة الفقهية :
لاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ بِالْجَنَابَةِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ كَأَنْ كَانَ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجَنَابَةُ بِذَلِكَ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَمْ بَعْدَهُ مَعَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْخِلاَفِ هَل هِيَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، وَقَدْ فَصَّل الْمَالِكِيَّةُ الْقَوْل فَقَالُوا : إِنَّ الْحَجَّ يَفْسُدُ بِالْجَنَابَةِ بِالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَمْدًا أَمْ سَهْوًا وَذَلِكَ إِنْ وَقَعَتِ الْجَنَابَةُ عَلَى الْوَجْهِ الآْتِي . أ - إِذَا كَانَتْ قَبْل الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ . ب - إِذَا كَانَتْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ ( أَيْ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ ) . وَلَكِنْ قَبْل رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْل الطَّوَافِ . وَلاَ يَفْسُدُ الْحَجُّ إِنْ وَقَعَ الْجِمَاعُ أَوْ مُقَدِّمَاتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ أَوْ وَقَعَ الْجِمَاعُ أَوْ مُقَدِّمَاتُهُ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَوْ قَبْل الطَّوَافِ وَالرَّمْيِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ . وَإِذَا فَسَدَ الْحَجُّ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ . اهــ
ويلزمه دم شاة أو بدنة على خلاف بين أهل العلم في ذلك , قال ابن قدامة في المغني :
إذا وطئ في ما دون الفرج أو قبل أو لمس بشهوة فأنزل فعليه بدنة، وبذلك قال الحسن وسعيد بن جبير وأبو ثور، وقال الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر عليه شاة لأنه مباشرة دون الفرج أشبه ما لو لم ينزل , ولنا أنها مباشرة أوجبت الغسل فاوجبت بدنة كالوطئ في الفرج. اهـــ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح الزاد عن المباشرة حال الإحرام : فإن كانت قبل التحلل الأول، فأنزل ترتب عليه أمران: الإثم، والفدية، وهي بدنة كفدية الجماع. لكن النسك لا يفسد والإحرام أيضاً لا يفسد. اهــ
وكذلك لو وقع الإنزال بعد التحلل الأول وقبل الثاني فالحج صحيح على كل حالٍ، لأن الإنزال بعد التحلل الأول لا يفسد الحج باتفاق أهل العلم، وعليه دم، وإن استطاع أن يكون بدنة (رأساً من الإبل) فذلك الأكمل، وإن لم تستطع إلا شاة أجزأ مع التوبة وكثرة الاستغفار .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني