الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط تراعى عند النهي عن المنكر

السؤال

اليوم أنكرت بصوت عال على الإمام والمصلين بعد الصلاة فعلهم للأذكار الجماعية البدعية والمداومة عليها منذ أكثر من 30 عاما وكنت أعلم أن كثيرا منهم سيعترضون بسبب الجهل، لأنه ليس فيهم فقيه، ومع ذلك فإنهم متكبرون ويعاندون بغير علم، وليس في المسجد شباب أو إخوة على المنهج حتى يوقفني أو ينصحني، فهل أنا آثم بفعلي هذا؟ وهل يعتبر ما فعلته تغييرا للمنكر بلساني؟ وما أردت من فعلي هذا إلا تغيير المنكر، ولأنني أبغض ما يفعلون، مع العلم أنني لم أسئ الأدب معهم وأصبر عليهم منذ مدة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الذكر الجماعي دبر الصلوات لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو من البدع المحدثة التي يجب على المسلم الحذر منها، والاقتصار على السنة، ففي ما جاءت به كفاية للمكتفي، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن المداومة على غير السنن المشروعة بدعة كالأذان في العيدين... والدعاء المجتمع عليه أدبار الصلوات الخمس. اهـ.

ولا شك أن المسلم مأمور عند الاستطاعة بتغيير المنكر، لقوله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

لكن على المسلم أن يراعي في تغييره للمنكر ضوابط التغيير المطلوبة شرعا، والتي من أهمها ـ في حال الإنكار باليد أو اللسان ـ أن لا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أشد منه، وأن يكون المنكِر لديه القدرة على التغيير، وأن لا يعرِّض نفسه ـ بسبب الإنكار ـ إلى بلاء عظيم لا يطيقه، وأن يدفع المنكر بأيسر ما يندفع به، فقد كان عليك أن تتحرى الرفق واللين في نهيك، لأن ذلك بالناصح أجدر، وبالمنصوح أنفع، فقد قال الله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {النحل : 125}.

ومع أن المنهج الأنسب ما كان على سبيل الحكمة فإنه قد حصل منك التغيير بما فعلت ولست آثما ـ إن شاء الله تعالى ـ إن لم يكن صدر منك ما يقتضي الإثم من القول المحرم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني