الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من لا يقدر على قراءة حرف من أحرف الفاتحة أوالتشهد

السؤال

حينما أصلي تحدث لي مشكلة وهي عدم القدرة على نطق حرف الراء بصورة صحيحة في الفاتحة والتشهدين، وأضطر إلى إعادة نطق الكلمة مرتين أو ثلاث مرات، وعند ذلك ربما أستطيع نطقها وربما لا أستطيع.
هل إذا اكتفيت بنطقها مرة واحد سواء استطعت النطق بشكل صحيح أم لم أستطع تكون صلاتي صحيحة، مع العلم بأن هذه الحالة تحدث معي في غير الصلاة أيضا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما بالنسبة للسائل فقد تبين لنا من أسئلته السابقة أنه مصاب بالوساوس الكثيرة في قراءة الفاتحة وغيرها، وبالتالي فعليه ألا يلتفت إلى ما يجده من شكوك في قراءة الفاتحة والتشهد وغيرهما، وصلاته صحيحة، وأنفع علاج لمثل هذه الوساوس هو الإعراض عنها وعدم الالتفات إليها مطلقا، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 125876 والفتوى رقم: 74456.

وأما من كان سالما من الوسوسة فالحكم بالنسبه له غير ذلك، فبخصوص سورة الفاتحة فإنها ركن من أركان الصلاة، ولا بد من الإتيان بها صحيحة سليمة الأحرف من أي تغيير أو تبديل، ومن كانت لديه صعوبة في النطق بالراء أو بأي حرف آخر فعليه أن يبذل جهده في النطق به صحيحا، ولا يكفيه الإعادة مرتين أو ثلاثا، بل عليه أن يبذل جهده حسب الاستطاعة، فإن عجز صحت صلاته، وإن لم يبذل ما يستطيع فصلاته باطلة، لأن إسقاط حرف من الفاتحة أو إبداله بغيره من قبيل اللحن الجلي في الفاتحة والذي هو من مبطلات الصلاة.

جاء في المغني لابن قدامة: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة؛ لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله؛ لأنهما أميان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به. انتهى.

وبخصوص التشهد فيجزئ بأي صيغة مأثورة عن النبي صلي الله عليه وسلم.

جاء في المغني لابن قدامة: وبأي تشهد تشهد مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاز. نص عليه أحمد فقال: تشهد عبد الله أعجب إلي، وإن تشهد بغيره فهو جائز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما علمه الصحابة مختلفا دل على جواز الجميع، كالقراءات المختلفة التي اشتمل عليها المصحف. انتهى.

وقد سبق في الفتوى رقم: 8103 بيان الصيغ المأثورة في التشهد، وأن الذي عليه أكثر أهل العلم هو تشهد عبد الله بن مسعود. وقال جماعة من أهل العلم من أسقط حرفا من التشهد لم تصح صلاته.

جاء فى الإنصاف للمرداوي: قال ابن حامد: رأيت جماعة من أصحابنا يقولون: لو ترك واوا أو حرفا أعاد الصلاة. قال الزركشي: هذا قول جماعة، منهم ابن حامد، وغيره. قال في الفروع بعد حكاية تشهد ابن مسعود وقيل: لا يجزئ غيره، وقيل: متى أخل بلفظة ساقطة في غيره أجزأ. انتهى. وفيه وجه لا يجزئ من التشهد ما لم يرفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكره ابن تميم. انتهى.

وعلى هذا القول فلو أن شخصا لم يأت بحرف الراء في التشهد مع القدرة عليه بطلت صلاته، فيجب الانتباه لذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني