الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الموكَل في توزيع الزكاة إذا وكل غيره

السؤال

استلمت زكاة من شخص قدرها 5000ريال وأرسلتها لأمي كي توزعها على الفقراء فأعطت أخواتي منها وهن يسكن عندها في البيت مع أن أمي تستلم إيجارا لعقار يزيد على مصاريف البيت وأبي متوفى كما أنها أعطت لعماتي وهن أحوالهن المادية متوسطة وقالت قد سألت وقيل لي إنها صدقة وصلة ماذا علي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أخطأت حين وكلت أمك في توزيع هذه الزكاة، وكان الواجب عليك أن تقوم بتوزيعها بنفسك ما دام رب المال قد وكلك أنت في توزيعه، فإن الوكيل ليس له أن يوكل غيره إلا بإذن الموكل؛ كما هو قول الجمهور وهو الراجح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: وهل له أن يوكل؟ الجواب: لا، ليس له أن يوكل، فإذا وكلت فلاناً أن يبيع هذه السيارة فليس له أن يوكل غيره؛ لأنني وكلته هو بنفسه، فليس له أن يوكل غيره؛ لأني قد أثق به، ولا أثق بغيره، ولا سيما في الأمور التي يختلف فيها القصد اختلافاً كبيراً، كما لو وكلت شخصاً يفرق زكاة، وأراد أن يوكل غيره فهذا لا يمكن؛ لأن الزكاة أمرها عظيم، وربما أثق بفلان، ولا أثق بغيره. انتهى.

وعلى هذا فأنت ضامن لهذا المال الذي وكلت أمك في التصدق به؛ إلا أن يجيز صاحب المال تصرفك.

جاء في الموسوعة الفقهية: إذا صدرت الوكالة مطلقة دون إذنه للوكيل بالتوكيل أو نهيه عنه ودون تفويضه فاختلف الفقهاء في المسألة على رأيين: الرأي الأول: ذهب جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب إلى أن الوكيل ليس له أن يوكل غيره فيما وكل به، لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل به، ولأنه إنما رضي برأيه، والناس يتفاوتون في الآراء فلا يكون راضيا بغيره . ونص الحنفية على أنه ليس للوكيل أن يوكل ما وكل به إلا أن يأذن له الموكل أو يفوض له بأن يقول له: اعمل برأيك، أو اصنع ما شئت، لإطلاق التفويض إلى رأيه. فإن وكل بغير إذن موكله فعقد وكيل الوكيل بحضرة الوكيل الأول جاز لانعقاده برأيه، وكذا إن عقد بغير حضرته فأجازه الوكيل الأول جاز أيضا لنفوذه برأيه. انتهى.

فيجب عليك أن تخبر رب المال بما حصل، فإن لم يجز تصرفك فيجب عليك أن تضمن هذا المال لصاحبه فترده إليه أو تصرفه حيث أمرك بصرفه، وإن أجاز تصرفك فإن كانت أمك قد وضعت المال في موضعه أجزأ وإلا فهي ضامنة له، ثم إنها ترجع به إن شاءت على من قبضه منها، والظاهر أن أمك لم تضع هذه الأموال في موضعها فإن عماتك لسن -فيما يظهر من وصفك- مستحقات للزكاة.

ولبيان حد الفقير المستحق للزكاة انظر الفتوى رقم 128146 وأما أخواتك فلسن من أهل الزكاة لأنهن مستغنيات بنفقتهن الواجبة على أمهن الموسرة، ومن ثم فيجب عليها ضمان ما دفعته إليهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني