الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترغيب والترهيب لا بد أن يكون منضبطا بضوابط الشرع

السؤال

هل يجوز دعوة الناس إلى الطريق الصحيح عن طريق القول لهم: إن زواجك باطل، وزوجتك لا تحل لك؛ لأنك تارك للصلاة، وبعض العلماء كفر تاركها. أو القول للنامصة إن النمص يسبب السرطان . فقد يهتدي هؤلاء، ولكن يهتدون خوفا من بطلان الزواج، أو من السرطان أو غيره، وليس خوفا من الله، وقد لا يتقبل الله منهم . فما رأي فضيلتكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد أرسل الله تعالى نبيه مبشرا ونذيرا، فيبشر من أطاع، ويخوف وينذر من عصى، ومن ثم كان الترغيب، والترهيب من أهم وسائل الدعوة إلى الله تعالى، بيد أن هذا الترغيب وذلك الترهيب لا بد من أن يكون منضبطا بضوابط الشرع المطهر، فعلى من يعظ الناس ويذكرهم ويخوفهم، أن يذكر لهم آيات وأحاديث الوعيد، ويذكرهم قدرة الله، وسطوته، وبطشه بمن عصى أمره وخالف شرعه، ويذكر ما يدل لذلك من الوقائع وأيام الناس، ويبين أن المعصية عموما سبب جميع البلايا والشرور التي تنزل بالعبد، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}. وأن طاعة الله والإنابة إليه هي سبب عز الدنيا والآخرة، ونيل السعادة فيهما كما قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ {الأعراف:96}. فإذا بذل المُذكِّر وسعه في هذا، وأدى ما يقدر عليه على هذا الوجه، فليتوكل على الله، وليعلم أن الهدى هدى الله وأنه من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم. ولا حرج في ذكر اختلاف العلماء في بعض المسائل، وأن بعضهم يعدها من الكبائر مثلا، أو أن بعضهم يعدها من الكفر مثلا كترك الصلاة، فيقول للموعوظ إن جماعة كثيرة من العلماء يرون كفر تارك الصلاة، وأنه لا تؤكل ذبيحته، وأن نكاحه مفسوخ، وأنه يدفن في غير مقابر المسلمين، وأنه يوم القيامة مبعوث مع فرعون وهامان وقارون، وأبي بن خلف، ثم يقول له: فهل ترضى لنفسك بمثل هذه الحال؟ ونحن نحبك ونريد لك الخير، وأنت فيك من الخير ما يحملك على التوبة من هذا الذنب. ونحو ذلك من الكلام الذي يستميل به قلبه، ويعرفه خطورة ما هو مقيم عليه من الذنب. وإذا صلى حرصا على بقاء نكاحه، أو على أن تحل ذبيحته، ونحو ذلك. فهذا حسن والحمد لله، وما دام يصلي مخلصا لله يبتغي بذلك مرضاته، فإن طاعته مقبولة. وأما الكذب وذكر ما ليس له أصل تخويفا للناس، فله من الآثار السلبية الشيء الكثير، فمن ذلك أنه يوشك أن يتبين للموعوظ الأمر، فيفقد الثقة بالواعظ وربما بجميع الدعاة، ثم إن هذا يخشى أن يكون قولا في دين الله بغير علم، فإن مدعي هذا يزعم أن الله يعاقب من فعل كذا بكذا، وهذا لا علم له به، فهو كاذب على الله، وناهيك بهذا جرما، بل الدين والعلم أمانة، فلا يتكلم فيه إلا بعلم، ولا يقال إلا ما تتحقق نسبته إلى الشرع المطهر، والداعي ليس عليه هدى الناس ولكن الله يهدي من يشاء، وفي نصوص الشرع كتابا وسنة أعظم زاجر عن المعاصي وآمر بالطاعات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني