الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من حضرته الصلاة واشتبهت عليه ثياب طاهرة بنجسة

السؤال

من خلط الثياب الطاهرة بالمتنجسة ثم نسي أيها الطاهر وأيها المتنجس فماذا عليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن كانت لديه ثياب طاهرة وأخرى متنجسة ثم التبست الثياب الطاهرة بغيرها فإنه يجتهد في تمييز الطاهر من النجس، فإن ظهرت له علامة على وجود ثوب طاهر بعينه تعين للصلاة فيه, فإن لم يتبين له ثوب طاهر من نجس صلى عريانًا وأعاد تلك الصلاة, جاء في المجموع للنووي: إذا اشتبه ثوب طاهر بثوب نجس لزمه التحري فيهما, ويصلي في الذي يؤدي اجتهاده إلى طهارته, وهذا مذهبنا, وفيه خلاف للسلف, سبق بيانه بأدلته في باب التحري في الماء, وسواء كان عدد الطاهر أكثر أو أقل؛ حتى لو اشتبه عشرة ثياب أحدها طاهر والباقي نجس اجتهد.

وقال أيضًا: وسواء عندنا كان عدد الطاهر أكثر أو أقل, حتى لو اشتبه إناء طاهر بمائة إناء نجسة تحرى فيها, وكذلك الأطعمة والثياب, هذا مذهبنا, ومثله قال بعض أصحاب مالك, كذا قال بمثله أبو حنيفة في القبلة, والطعمة, والثياب. انتهى.

وقال أيضًا: إذا اجتهد فتحير ولم يظهر له بالاجتهاد شيء لزمه أن يصلي عريانًا لحرمة الوقت, ويلزمه الإعادة؛ لأنه صلى عريانًا ومعه ثوب طاهر, وعذره نادر غير متصل, هذا هو الصحيح المشهور. انتهى

وإن أمكنه غسل أحد الأثواب للصلاة فيه وجب عليه ذلك, قال النووي في روضة الطالبين: ولو اشتبه ثوبان أو أثواب، بعضها طاهر وبعضها نجس، اجتهد كما سبق في الأواني, فإن لم يظهر له شيء، وأمكنه غسل واحد ليصلي فيه، لزمه ذلك. انتهى

وعند الحنابلة أن هذا الشخص يجب عليه أن يصلي بعدد الأثواب النجسة ويزيد صلاة، جاء في المغني لابن قدامة: وإن اشتبهت عليه ثياب طاهرة بنجسة، لم يجز التحري، وصلى في كل ثوب بعدد النجس، وزاد صلاة, وهذا قول ابن الماجشون, وقال أبو ثور، والمزني: لا يصلي في شيء منها, كالأواني، وقال أبو حنيفة، والشافعي: يتحرى فيها، كقولهم في الأواني والقبلة, ولنا أنه أمكنه أداء فرضه بيقين من غير حرج فيلزمه، كما لو اشتبه الطهور بالطاهر، وكما لو نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها. انتهى
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين خلاف مذهب الحنابلة حيث قال في الشرح الممتع: فإِن كان عنده ثلاثون ثوبًا نجسًا وثوب طاهر، فإنَّه يُصلِّي واحدًا وثلاثين صلاة كلَّ وقت، وهذا فرضًا، وإلا فيُمكن أن يغسل ثوبًا، أو يشتريَ جديدًا، هذا ما مشى عليه المؤلِّف.

والصَّحيح: أنه يتحرَّى، وإِذا غلب على ظَنِّه طهارة أحد الثِّياب صَلَّى فيه، والله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإِنسان أن يُصلِّيَ الصَّلاة مرتين, فإن قلت: ألا يحتمل مع التحرِّي أن يُصلِّيَ بثوب نجس؟ فالجواب: بلى، ولكن هذه قدرته، ثم إِنَّ الصَّلاة بالثَّوب النَّجس عند الضَّرورة الصَّواب أنها تجوز, أما على المذهب فيرون أنك تُصلِّي فيه وتُعيد. انتهى

وراجع للفائدة في مذاهب أهل العلم في هذا فتوانا رقم: 44652.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني