الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الآداب المرعية في نهي الأقارب عن المنكر

السؤال

مشكلتي: كره بداخلي لأهلي لما هم عليه من منكرات، فكيف تكون سياستي معهم في حال الغيرة والقهر من تبرج الأخت وعدم الحجاب وبموافقة الجميع، ومشكلتي مع أهلي من الناحية الدينية حيث ذقت المر وقد انجرفت في المعاصي حتى أخرجني الله منها، أتحمل السبب لكن والدي لم يوجهني جيداً ولم ينهرني ويوضح لي أمورا كثيرة فضعت في مرحلة المراهقة واقترفت كبائر كثيرة عسى الله أن يغفر لي وحالة أبي الدينية سابقاً: لا صلاة ويشرب الخمر أمامنا وسهرات في الخارج وكان يسمح لأهلي بالرقص أمام الناس في هذه المطاعم وغيرها ويعارض أمور الدين ويقول شبهات ولم يزرع فينا الحلال والحرام إلا في بعض الأمور مثل المال الحلال والصدق، وكنت أرد عليه في كثير من الشبهات عندما يتكلم بها، والحمد لله حاله الآن أفضل فقد أصبح يفهم ويقتنع بالفكر الإسلامي أكثر من الليبرالي
وصار يصلي ولله الحمد لكن لم يتغير بشكل جذري، وما يهمني هو أنه يترك أهلي يسافرون دائما كنساء وحدهن إلى الخارج، وللأسف قلت لأختي إن عليها أن تتحجب ثم بعد زمن خلعته وعرفت ورأيتها تجلس مع ذكور من عائلتي بدون حجاب وبمعرفة كل أهلي، فثار غضبي وقاطعتها فترة طويلة ثم تدخل أبي ولأجله رجعت العلاقة بشكل سطحي وهي لا تتبرج أمامي ونحن في مجتمعنا عند الخروج لا بد من العباءة، وهذا نظام الدولة، فهل تصوري سليم في الموضوع وطبيعي؟ وهل كرهي في محله وطبيعي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحرصك على صلاح أهلك وإشفاقك عليهم من تفريطهم في أمور الدين وغيرتك على محارم الله، كل ذلك علامة خير ودليل صدق، فاجتهد في نصح أهلك وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر على حسب علمك وقدرتك، مع مراعاة أن نصح الوالدين ليس كغيرهم، فلا بد أن يكون برفق وأدب ولا يكون فيه إغلاظ أو إغضاب، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 134356.

ولا يجوز لك إقرار أخواتك على التبرج أمام الأجانب، بل يجب عليك منع هذا المنكر بقدر استطاعتك، فعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.

قال النووي رحمه الله:.. ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو.

وقال ابن عبد البر: فواجب على كل مسلم أن يعلم أهله ما بهم الحاجة إليه من أمر دينهم ويأمرهم به، وواجب عليه أن ينهاهم عن كل ما لا يحل لهم ويوقفهم عليه ويمنعهم منه ويعلمهم ذلك كله.

وانظر ضوابط تغيير المنكر في الفتوى رقم: 124424.

واعلم أنه ينبغي للمؤمن أن يتسع قلبه رحمة ورأفة للعصاة ويرجو لهم الهداية والتوبة ولا ينافي ذلك إنكاره للمنكر وبغضه للمعصية، فإنه لا يكره العاصي لذاته، وإنما يكرهه لما تلبس به من المعصية، قال ابن القيم في مشاهد الناس في المعاصي.. أن يقيم معاذير الخلائق وتتسع رحمته لهم، مع إقامة أمر الله فيهم، فيقيم أمر الله فيهم رحمة لهم، لا قسوة وفظاظة عليهم.

وللفائدة راجع الفتوى رقم: 125111.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني