الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الزوجة من اختلاف المفتين في الطلاق البدعي إذا تكرر ثلاث مرات

السؤال

أتمنى أن أجد عندكم ما يريح قلبي حيث إنني طرقت جميع الطرق الشرعية، ومازلت أعيش في عذاب بسبب الخوف من حرمة العيش مع زوجي، وما قد يترتب عليه من عواقب وخيمة على بيتي وابنتي، وأخاف عليها من غضب الله إذا كنت أعيش في الحرام، حيث طلقني في أول سنة من زواجنا ثلاث طلقات بسبب اختلاف الطبائع وعدم فهم كل منا لطبيعة الآخر، وقد ندمنا عليها ونحن الآن على وفاق كبير، ولكننا ذهبنا إلى المحمكمة الشرعية وقال لنا القاضي إن الطلقات الثلاث لا تقع وأنه طلاق بدعي في طهر جامعني فيه، والطلقتان الأوليان كانتا بعد انتهاء النفاس وقد حدث جماع، وبعد الجماع حدث طلاق قبل إتيان الدورة الشهرية التي أتت بعد النفاس ب 6 شهور، فاعتبرها القاضي طلاقا في طهر جامعني فيه، والثالثة كانت أيضا في طهر حدث فيه جماع، وقال إنها لا تحسب وما زالت على ذمته، وما زلت قلقة، لأنني أعرف أن الرأي الأقوى أن الطلاق البدعي يقع عند الجمهور، وقررت عندما أخذنا الإجازة وذهبنا إلى مصر أن نذهب إلى دار الإفتاء المصرية لزيادة التأكد من عدم تعدي حدود الله رغم أن القاضي في قطر قال إنها لا تحسب، وقص زوجي الطلقات الثلاث على المفتي فسأله عن نيته فيها، فقال له نيتي أنني كنت أريد الخروج من الموقف وليس التطليق، فقال له إذن هي زوجتك ولا تقع الطلقات، وسألنا شيخا آخر عن طريق الخدمة الصوتية بعد رجعونا من دار الإفتاء، فسأل زوجي عن نيته وقال إنها لا تقع بعد أن عرف نية زوجي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للعامي تقليد مذهب معين، أو سؤال من يثق في علمه دون اتباع للهوى أو تتبّع للرخص، قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه: فإن قال قائل فكيف في المستفتى من العامة إذا أفتاه الرجلان واختلفا، فهل له التقليد؟ قيل: إن كان العامي يتسع عقله، ويكمل فهمه إذا عقِّل أن يعقل، وإذا فُهِّم أن يفهم، فعليه أن يسأل المختلفين عن مذاهبهم، وعن حججهم فيأخذ بأرجحها عنده، فإن كان له عقل يقصر عن هذا، وفهمه لا يكمل له، وسعه التقليد لأفضلهما عنده. انتهى.

وانظري الفتوى رقم: 109007.

وعليه، فلا حرج عليك في الأخذ بقول من تثقين في علمه ودينه من المفتين، لكن إن كنت غير مطمئنة لفتوى المفتي ويغلب على ظنك عدم صحتها، فلا يلزمك العمل بها، بل لا يجوز لك العمل بها والحال هكذا، ولو وصل الأمر إلى المحكمة الشرعية فقضت بحكم يبيح للزوج رجعتك وأنت تعتقدين بطلانه فلا يجوز لك تمكين زوجك من نفسك في هذه الحال، جاء في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَارِي، فَقَالَتْ: قَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، وَهِيَ تَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ ثَلَاثٌ وَالزَّوْجُ يَرَاهُ وَاحِدَةً، فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُبِيحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُمَكِّنَ الزَّوْجَ مِنْهَا وَلْتَمْنَعْهُ جَهْدَهَا وَلَوْ رَفَعَهَا إلَى قَاضٍ يَرَى الْخِيَارَ طَلْقَةً فَارْتَجَعَهَا الزَّوْجُ فَلَا يُبِيحُ لَهَا الْحُكْمُ مَا هُوَ عِنْدَهَا حَرَامٌ وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الزَّوْجُ إلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني