الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم زواج الخطيبين إذا وقعا في الزنا

السؤال

يا شيخ وقعت في الزنا مع خطيبي في القبل والدبر وقرأت أنه يمنع الزواج إلا بعد التوبة والاستبراء، وخلال الفترة التي قرأت فيها ذلك كان الحيض ينزل مني، وتبنا إلى ربنا بعد الجريمة التي عملناها، ويصير بيننا أحيانا تقبيل وأحضان، فهل أحرم عليه؟ مع العلم أن أهلي يرفضون العقد ويكون عندي دائما فنقع مرات في مقدمات الزنا مثل القبل والأحضان واللمس، فهل أعاقب على قدر المعصية؟ وهل أنا زانية ويجب أن أتوب وأستبرئ رحمي؟ فأنا وخطيبي من أهل السنة، وقد قرأت أن المذهب الإباضي يحرم علينا الزواج، فبأي حق مع أنني تبت وأصلي؟ وهل حسب مذهب أهل السنة يوجد نص من القرآن أو الحديث يمنعنا من التوبة والزواج؟ مع العلم أنني عندما قرأت تحريم الإباضية للزواج فكرت في الزنا والانتحار.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، لكن مهما عظم الذنب فإن من تاب توبة صحيحة تاب الله عليه، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب والندم على فعله والعزم على عدم العود إليه، والتوبة تمحو ما قبلها والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فإذا كنتما قد تبتما مما وقعتما فيه من الزنا، فلا مانع من زواجكما بعد الاستبراء من موجبه وهو الزنا وليس المقدمات، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 111435.

وأما الأفعال المحرمة التي لا تصل إلى الزنا الصريح: فلا تمنع زواجكما، ولا توجب استبراء، لكن ذلك لا يعني الاستهانة بإثمها، فهي بلا ريب معصية قبيحة وتعد لحدود الله عز وجل وهي ذريعة إلى الوقوع في الزنا ـ والعياذ بالله ـ وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.

فالواجب عليكما المبادرة بالتوبة إلى الله والوقوف عند حدود الشرع والحذر من استدراج الشيطان واتباع خطواته، واعلمي أن من صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية ويقطع الطرق الموصلة إليها ويحسم مادة الشر، فاحذري من الخلوة بهذا الخاطب أو ملامسته، أو الكلام معه بغير حاجة، فهو أجنبي عنك لا يحل له منك شيء حتى يعقد عليك، وراجعي حدود تعامل الخاطب مع مخطوبته في الفتوى رقم: 57291.

وبخصوص رفض أهلك لإجراء العقد راجعي الفتوى رقم: 69226.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني