الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة من لم يأت بالقدر المجزئ في الاعتدال بعد الركوع

السؤال

أجبتم مرة بصحة صلاة شخص قال ربنا ولك الحمد، وهو يهوي للسجود، وذلك حسب بعض العلماء. لكن ماذا لو كان منفردا ولم يقف بعد الاعتدال من الركوع لمدة تكفي ليقول سمع الله لمن حمده، أو ليقول سبحان الله.
هل يجزئ ذلك حسب من يعتبر تلك الصلاة السابقة صحيحة؟ وماذا لو كان الوقت يكفي فقط لقول سبحان الله؟ وهل يجب سجود السهو هنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 163831 أن من قال (ربنا ولك الحمد) وهو يهوي، فصلاته صحيحة.

والاعتدال بعد الرفع من الركوع ركن من أركان الصلاة في حق المنفرد وغيره، والمجزئ في هذا الركن أن يعتدل قائما كما كان قبل الركوع، وتستقر أعضاؤه في الاعتدال زمناَ مّا.

جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري الشافعي: [الركن السابع والثامن الاعتدال وطمأنينته] لخبر «إذا قمت إلى الصلاة» (وليس) الاعتدال مقصودا في نفسه (بل للعود إلى ما كان) عليه قبل الركوع، وإن صلى غير قائم؛ ولهذا عد ركنا قصيرا (ويطمئن) فيه (كما سبق) في الركوع بأن تستقر أعضاؤه على ما كان قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه عن عوده إلى ما كان عليه. انتهى.

وفي مطالب أولي النهى للرحيباني الحنبلي: والسادس: الاعتدال بعد الركوع الركن؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ثم ارفع حتى تعتدل قائماً ـ وأقله: أي الاعتدال عوده أي المصلي لهيئته المجزئة، أي التي تجزئه من القيام قبل ركوع، فلا يضره بقاؤه منحنيا يسيراً حال اعتداله واطمئنانه؛ لأن هذه الهيئة لا تخرجه عن كونه قائماً، وتقدم أن حدَّ القيام ما لم يصر راكعاً، والكمال منه الاستقامة حتى يعود كل عضو إلى محله. انتهى.

وبناء على ما سبق، فإذا كان المنفرد قد اعتدل قائما بعد الركوع واستقرت أعضاؤه زمناَ مّا، فقد أتى بما يجزئ في الاعتدال, وإن لم يمكث في اعتداله من الركوع مقدار ما يقول " سمع الله لمن حمده " أو " سبحان الله "

فإن كان لم يأت بالقدر المجزئ في الاعتدال، فصلاته باطلة، ولا يجزئه سجود سهو لتركه ركنا من أركان الصلاة.

جاء في المغني لابن قدامة بعد ذكره لأركان الصلاة: فهذه تسمى أركانا للصلاة لا تسقط في عمد ولا سهو. وفي وجوب بعض ذلك اختلاف ذكرناه فيما مضى. وقد دل على وجوبها حديث أبي هريرة عن المسيء في صلاته. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: لم تصل، وأمره بإعادة الصلاة، فلما سأله أن يعلمه علمه هذه الأفعال، فدل على أنه لا يكون مصليا بدونها. ودل الحديث على أنها لا تسقط بالسهو؛ فإنها لو سقطت بالسهو، لسقطت عن الأعرابي لكونه جاهلا بها. والجاهل كالناسي.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني