الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس يخيِّل لي أني أفعل الطاعات للشيطان وأني أقدم على طاعة الله أمورًا دنيوية

السؤال

أرجو أن تسرعوا في الإجابة عن سؤالي, فأنا مصابة بالوسواس القهري في أمور الدين، فإذا لم أستجب له في الوضوء مثلًا ينتقل إلى الصلاة، أو العقيدة، وقد دخل شهر رمضان، وقد صمنا الآن ثلاثة أيام, وأفكر في قضائها عند انتهائه لاعتقادي أني قد كفرت، فقد كنت أصلي مرة وعند التسبيح في السجود أكرره ثلاثًا، ثم أقول: يكفي، فيأتي الشيطان ويوسوس لي أن أزيد؛ لأن عدم زيادتي تعني عدم طاعتي لله، أو أني أمتنّ على الله -عياذًا بالله- بهذه الزيادة، ثم يرد في خاطري أن زيادتي هذه استجابة للشيطان، فمرة زدت اثنتين وأنا أقول في نفسي: إنها للشيطان -عياذًا بالله- وعند إدراكي لخطئي في لحظتها، وبعد أن قلتها، قلت: آمنت بالله, وهنا مشكلتي فتأتيني خواطر في ذهني تستقر في قلبي للحظة، وعند انتباهي أحاول أن أفكر في نقضها وإثبات بطلانها، وأدخل في متاهات أخرى، ومرة أخرى كنت جالسة مع أهلي وأفكر أن أذهب لقراءة القرآن فأفضل الجلوس مع عائلتي، فيأتي الشيطان ويقول لي: كيف تفضلين الجلوس مع أهلك على قراءة كلام الله؟ فأفكر في أن هذا كفر بالله, وفي إحدى المرات كنت أنظف أنفي قبل الوضوء لقراءتي فتوى لشيخ عن ذلك، فأتاني الشيطان وقال لي: إن كلامه قد لا يكون صحيحًا ولا دليل عليه، فكفِّي عن ذلك, واستمررت في ما أفعله، ثم قلت في نفسي: إني أطيع الشيخ أكثر من الله عز وجل -أعوذ بالله من الشيطان- وكأنني قلت بعدها: إني أطيع الله -فلا أذكر الآن - وكثير من السنن أفكر في فعلها ثم أكسل عنها، فيقول الشيطان: إنك لا تريدين طاعة الله, وهكذا, فما العمل الآن؟ وهل كفرت بما أفكر فيه؟ فأنا أشعر أنه يستقر في قلبي، وأحدِّث به نفسي وأنا قاصدة، ثم أتراجع عن قولي بعدها مباشرة؟ وأرجو ذكر الدليل من القرآن أو السنة الصحيحة على جوابكم - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلمي - عافاك الله - أن الوسوسة من شر الأدواء، وأخطر الأمراض التي متى تسلطت على عبد أفسدت دينه ودنياه، وقد بلغ منك الوسواس مبلغًا عظيمًا جدًّا، ولا علاج لهذه الوساوس إلا أن تعرضي عنها, ولا تسترسلي معها، فكلما ألقى الشيطان في قلبك شيئًا من هذه الوساوس فادفعيها عنك, ولا تبالي بها، واعلمي أنها من كيده ومكره يريد بها أن يصدك عن العبادة, ويكدر عليك عيشك, واعلمي أن هذه الوساوس لا تؤثر في صحة إيمانك ما دمت كارهة لها نافرة منها، بل إنك تؤجرين على مجاهدتها ومحاولة دفعها؛ وانظري الفتوى رقم: 147101.

ثم اعلمي أنه ليس فيما ذكرته ما يوجب الكفر، بل وليس شيء منه معصية لله أصلًا، فمن سبَّح تسبيحة أو ثلاثًا أو أكثر فكل هذا جائز حسن، وليس في العدول عن هذا إلى ذاك طاعة للشيطان، ولا ما يوجب إثمًا فضلًا عن أن يكون كفرًا، وليس ترك قراءة القرآن والجلوس مع الأهل معصية فضلًا عن أن يكون كفرًا, فدعي عنك هذه الوساوس السخيفة، واعلمي أن المرء لا يخرج من الإسلام إلا بفعل ناقض من نواقضه، وقد بينا موجبات الردة في فتوانا رقم: 146893.

وننصحك بالتداوي, ومراجعة الأطباء الثقات؛ فإن في ذلك نفعًا - إن شاء الله - كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا - نسأل الله لك العافية -.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني