الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معيار جواز اللجوء للغلظة والقوة لردع الظلمة

السؤال

هل يجوز إبداء شيء من الغلظة لمن خاف أن يضره أحدهم؟ وما ضوابط ذلك؟
وما هي هيئة المؤمن عند المشي في الطريق - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه يجوز إبداء شيء من الغلظة لمن خيف منه الظلم إن رجي حصول المنع به؛ لأن ذلك أدعى لمنع الظالم من التجاسر على الظلم, بخلاف ما إذا رأى اللين والتساهل, فقد يتهمك بالضعف, ويحاول أن يضرك, وقد ذكر أهل العلم أن الحكمة هي وضع الأشياء مواضعها، فلا شدة في موضع اللين, ولا لين في موضع الشدة, فمن وضع الضعف في المكان الذي قد يحتاج فيه إلى إظهار القوة لم يكن حكيمًا، ومن وضع القوة في المكان الذي يحتاج إلى التسامح لم يكن حكيمًا، وقد صدق المتنبي حين قال:
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا ... مضرٌ كوضع السيف في موضع الندى

وقال أبو تمام:

فقسا ليزدجروا, ومن يك حازمًا * فليقس أحيانًا على من يرحم.

وقال الشيخ ابن باز: وأما أصحاب الحسبة, وهم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فعليهم أن يلتزموا بالآداب الشرعية، ويخلصوا لله في عملهم، ويتخلقوا بما يتخلق به الدعاة إلى الله من حيث الرفق وعدم العنف، إلا إذا دعت الحاجة إلى غير ذلك من الظلمة والمكابرين والمعاندين, فحينئذ تستعمل معهم القوة الرادعة؛ لقول الله سبحانه: "وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ" وقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان". خرجه مسلم في صحيحه. اهـ.

وأما هيئة المشي فيطلب فيها التواضع, وحسن السمت, والسكينة والوقار، والبعد عن المرح والكبر والاختيال، فقد قال الله تعالى: وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ {الحديد:23}، وقال الله تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا {الفرقان:63}

وقال الشوكاني في تفسيره: ولا تمش في الأرض مرحًا.. المرح: قيل: هو شدة الفرح، وقيل: التكبر في المشي، وقيل: تجاوز الإنسان قدره، وقيل: الخيلاء في المشي، وقيل: البطر والأشر وقيل: النشاط, والظاهر أن المراد به هنا الخيلاء والفخر، قال الزجاج في تفسير الآية: لا تمش في الأرض مختالاً فخورًا، وذكر الأرض مع أن المشي لا يكون إلا عليها أو على ما هو معتمد عليها تأكيداً وتقريراً. اهـ

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسراع في الذهاب إلى الصلاة, وأمر بالمشي إليها بسكينة ووقار، فقال: إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة. رواه مالك ومسلم والترمذي.

وعند البخاري: إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني