الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إدارة زجاجات العطر بين المصلين في أثناء الدروس والخطب وانتظار الصلاة

السؤال

عندما نكون جلوسا في المسجد ننتظر الصلاة، أو نستمع لدرس، أو في خطبة الجمعة، نرى أن قارورات المسك الصغيرة تدور بين المصلين للتطيب، أي يعطيها الواحد للآخر.
أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أما أثناء خطبة الجمعة، فلا ينبغي هذا الفعل ابتداء؛ لما فيه من إشغال السامعين عن الخطبة، وهو لا يقل شأنا عما ورد النهي عنه في السنة، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصى فقد لغا.

فإذا وصلَتْ هذه القوارير إلى أحدهم فلا يأخذها، وليعرض عنها، وينصت للخطبة.

قال ابن قدامة: فصل: قال أحمد: لا تتصدق على السؤّال والإمام يخطب؛ وذلك لأنهم فعلوا ما لا يجوز، فلا يعينهم عليه... وقيل لأحمد: فإن تصدق عليه إنسان، فناوله والإمام يخطب؟ قال: لا يأخذ منه. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 102552.

أما قبل الخطبة فهذا حسنٌ، وهو من أخذ الزينة عند المساجد.

قال ابن قدامة: قيل - أي لأحمد -: فإن سأل قبل خطبة الإمام، ثم جلس، فأعطاني رجل صدقة أناولها إياه؟ قال: نعم، هذا لم يسأل والإمام يخطب.

وقال أيضا: فصل: لا يكره الكلام قبل شروعه في الخطبة، وبعد فراغه منها، وبهذا قال عطاء، وطاوس، والزهري، وبكر المزني، والنخعي، ومالك، والشافعي، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد. وروي ذلك عن ابن عمر.

وأما في الخطب المسنونة فقد كره الشافعي وغيره الكلام فيها، والانشغال عنها.

قال النووي في المجموع في باب صلاة العيدين: لكن قال الشافعي: لو ترك استماع خطبة العيد، أو الكسوف، أو الاستسقاء، أو خطب الحج أو تكلم فيها، أو انصرف وتركها كرهتُه ولا إعادة عليه، ولو دخل إنسان والإمام يخطب للعيد، فإن كان في المصلى جلس واستمع الخطبة، ولم يصل التحية. اهـ.

أما في أثناء الدروس العلمية والوعظية فهو خلاف الأولى؛ لما فيه من انشغال عن العلم، وتركٍ لآدابه، والأولى أن يجعلوا ذلك قبل الدرس أو بعده، وقبله أفضل لما فيه من التطيب لمجالس العلم.

ومن عُرض عليه الطيب في غير ما مرّ فلا يردّه، كما في صحيح البخاري عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرد الطيب. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عُرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح.

قال النووي: وفي هذا الحديث كراهة رد الريحان لمن عُرض عليه، إلا لعذر. اهـ.

ومن العذر ما مرّ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني