الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من رأى من زوجة صاحبه أفعالا مريبة

السؤال

أنا سوري, وقد عشت طوال حياتي في السعودية, ودرست فيها جميع مراحل دراستي – والحمد لله - والأهم من ذلك الدين الإسلامي الحنيف, من فقه, وحديث, وتفسير, وغيره, ومع التضييق على المقيمين هناك قررت أن أتوجه وأهاجر إلى أميركا، وقد هاجرت أنا وعائلتي, مع العلم أن المساجد هناك قليلة, فهل سأحاسب على تربية أبنائي, والبعد عن المساجد, وتربيتهم في المدارس الإسلامية؟ فهم الآن يدرسون في مدارس عامة أميركية, وهل سأحاسب على ما أراه بالشارع العام من مفاسد؟ فحتى لو غضضت البصر, فهناك أمور لا يستطع الشخص أن يغض عنها جميعها, وسؤالي الأهم من ذلك: شاهدت زوجة صاحبي هنا تخرج من سيارة شخص غريب, وكانت في خلوة معه بسيارة مغلقة, وتاركة أولادها يلعبون بالحديقة, وقد شاهدتني وعرفت أنني كشفتها, فهل أخبر صاحبي بذلك, أم ماذا؟ علمًا أنها بأميركا محجبة, وتلبس اللباس الشرعي, ولكنها حاولت أن توقع بيني وبين صاحبي بكذبها بأشياء, وإخبار زوجتي أكاذيب عن زوجها - والعياذ بالله - وإذا لم أخبره فهل أكون خائنًا صاحبي؟ فهذا يؤرقني كثيرًا, ويجعلني أخاف أن أكون من الذين قيل عنهم: "الساكت عن الحق شيطان أخرس" وإذا أخبرته فمن الممكن أن يطلقها, وأنا وأخي شهود فقط, ولم يتحقق الشرط بوجود أربعة شهود, أنتظر الرد - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أن إقامة المسلم في بلاد الكفار ممنوعة؛ لما فيها من الخطر على دينه وأخلاقه، لكن إذا كان المسلم يقدر على إظهار شعائر دينه في بلد من بلاد الكفار، ويأمن على نفسه الفتنة، فلا حرج عليه حينئذ في الإقامة فيه؛ لتحصيل مصلحة دينية أو دنيوية، وراجع الفتوى رقم: 2007.
فإن كنت تخشى على نفسك وأولادك الفتنة, فلا يجوز لك البقاء في تلك البلاد، أما إذا كنت تأمن على نفسك وأولادك, وكنت محتاجًا للإقامة في تلك البلاد، فعليك أن تجتهد في المحافظة على نفسك وأهلك من الفتن, وأن تتحصنوا بالعلم النافع, والصبر, والمجاهدة.

والواجب غض البصر عن المحرمات، وإذا وقعت عينك على حرام فلتصرف بصرك، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِي: يَا عَلِي, لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ, فَإِنَّ لَكَ الأُولَى, وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ.

وعَنْ جَرِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَظْرَةِ الْفَجْأَةِ؟ فَقَالَ: اصْرِفْ بَصَرَكَ. رواهما أبو داود.

وأما بخصوص امرأة صديقك، فإن رأيت منها منكرًا فعليك نصحها, وتخويفها, وتهديدها بإخبار زوجها إن لم تتب، فإن لم يفد ذلك فلتنبه زوجها, أو تخبره حتى يسعى في استصلاحها.

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في جواب سؤال من رجل يعمل سائقًا لرجل, ويرى من زوجته أفعالًا مريبة, كالخروج بغير علم زوجها, والاتصالات الهاتفية المريبة، قال - رحمه الله -: وعليك في هذه الحال إذا لم يفد معها النصح أن تخبر زوجها بذلك لتخرج من المسئولية.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني