الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدود طاعة الزوجة للزوج

السؤال

يا شيخ، لي استفسار وهو: هل يجوز للزوج التحكم في زوجته في أشياء لا تضره، ولا علاقة لها بحقه، كأخذها الإذن منه قبل خروجها مثلاً وأن يمنعها من الترفيه المباح، أو تناول طعام معين؛ لأنه لا يعجبه، أو من أكل العلك، أو منعها من ارتداء زي معين داخل بيتها حتى لو لم يكن موجوداً، أو إجبارها على عدم الخروج للعمل الذي ليس فيه اختلاط، ولا مخالفة للشرع " طبيبة نساء وتوليد " الذي اشترطته قبل زواجهما ووافق عليه، إلا باللون الأسود رغم أنها منتقبة، وتلبس ألوانا غامقة، وغير لافتة أبداً ؟
وهل يحق له منعها من العمل الجائز شرعاً وإن لم تقصر في حقه بأي شكل؛ إذ إنه مسافر وليس لهما أبناء حتى الآن، وهذا لعدم رغبته في أن تمتلك مالها الخاص؟ وفي نفس الوقت عندما تطيعه في ذلك، ولكن تطلب منه أن يشتري لها ما تريد، وهو غني ويملك من المال الكثير يرفض شراء مرفهات لها مثل الجوال، وجهاز الكمبيوتر، ويمنعها من العمل المشروع الذي لا يؤثر عليه، لكي لا تشتري أي شيء من هذا، وذلك بغرض التحكم فقط، وهذا مؤكد فهو كثيراً ما يقول إنه الرجل ويفعل ما يشاء، وهي ليس عليها سوى أن تأكل، وتشرب، وتنام، وتنظف البيت.
أعلم أن على المرأة طاعة زوجها حتى لو كان ذلك مزعجاً لها، أو فيه مبالغة، وهي لها الأجر والله سيحاسبه وفقاً لنتيه من هذه التصرفات، ولكنني أريد أن أعلم هل يحق للزوج هذا ولا يحاسب عليه أمام الله، مع العلم أن نيته هي التحكم وليس الخوف على زوجته، وليس لتقصيرها في حقه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحقّ الزوج على زوجته عظيم، وقد جعل الله له القوامة عليها، ولذلك أوجب على المرأة طاعة زوجها، لكنها ليست طاعة مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة، فهي لا تكون فيما خالف الشرع، ولا تكون فيما يضر بالمرأة أو يحمّلها فوق طاقتها؛ وراجعي الفتوى رقم: 144069.
وعليه فلا حق للزوج في منع امرأته من فعل مباح لا يضيع حقا من حقوقه، فليس له منعها من أكل ما تريد من الحلال، إلا إذا كان يمنعه من الاستمتاع بها، كأكل ما له رائحة كريهة، مع أن في هذا الحكم عند أهل العلم خلافا.

قال ابن قدامة –رحمه الله-: وهل له منعها من أكل ما له رائحة كريهة، كالبصل والثوم، والكرات؟ على وجهين؛ أحدهما: له منعها من ذلك؛ لأنه يمنع القبلة، وكمال الاستمتاع. والثاني: ليس له منعها منه؛ لأنه لا يمنع الوطء. المغني لابن قدامة.

وليس له منعها من لبس ما يباح لها في غيبته، وليس له أن يجبرها على الخروج للكسب، ولو شرط عليها ذلك في العقد؛ لكن من حقه منعها من الخروج للكسب أو غيره، ولو كان خروجها لعمل أو غرض مباح وليس فيه ما يخالف الشرع، أو يخل بحق الزوج، وذلك أن من حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته ولا تخرج منه إلا بإذنه، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه في العقد أن يأذن لها في الخروج للعمل، ولم يكن في خروجها مخالفة شرعية، فلا حقّ له حينئذ في منعها، فإنّ هذا شرط صحيح لازم على القول الراجح عندنا؛ وانظري الفتوى رقم: 1357.
وعلى الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، والراجح عندنا أنّ النفقة الواجبة للزوجة على زوجها هي قدر الكفاية بالمعروف اعتبارا بحال الزوجين، وأما ما يزيد على الكفاية فليس بواجب على الزوج؛ وانظري بيان ذلك وتفصيله في الفتوى رقم: 105673 ، وننبه إلى أن الأصل في علاقة الزوجين التواد والتراحم، والتغاضي عن الهفوات، ومراعاة كل منهما لظروف الآخر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني