الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القبض الحكمي معتبر فيما يُشترط فيه القبض

السؤال

أنا أبحث منذ أيام عن موضوع الفوركس - التجارة بالعملات عن طريق الإنترنت - فوجدت من حرمها، وهناك من وضع ضوابط لمثل هذه التجارة، وسأطرح سؤالي ببعض التفصيل، وسأوضح الحقيقة من سؤالي؛ لأني شخص يريد الحكم الصحيح الذي سأبني عليه: إما دخول هذا المجال، أو الابتعاد عنه؛ لأني أؤمن أنه يمكن الفائدة بطريقة شرعية من هذا المجال فأقول: "الأمور المتبعة حاليًا في كافة مؤسسات الفوركس هي كالتالي: تفتح حسابًا في المؤسسة، وتودع فيه المبلغ الذي تريد التداول به، وقالت العلماء: "لا يجوز لأنه حساب تدخله فوائد ربوية" والنظام المتبع في الفوركس هو الرافعة المالية – الهامش - وهو القرض من البنك، أو مؤسسة الفوركس، وقالت العلماء: "لا يجوز لأنه قرض جر نفعًا فهو قرض ربوي" والقبض، وقالت العلماء: "أن يكون يدًا بيد"، وسؤالي عن القبض، فالذي وجدته بعد البحث أنني يمكن أن أفتح حسابًا إسلاميًا لا تدخله فوائد ربوية عند إحدى الشركات - وهذا جائز - وأتداول برأس مالي بدون رافعة مالية – هامش - أو أخذ أي قرض من البنك، أو مؤسسة الفوركس - وهذا جائز - وسؤالي عن القبض، وهذا سأبينه في صورتين:
الصورة الأولى: هل أعتبر أن حسابي في المؤسسة هو حساب حقيقي، يكون فيه القبض، بمعنى أني أمتلك هذا الحساب، لأنه لا أحد يتصرف فيه إلا أنا، ولأوضح أكثر: الحساب بالدولار الأمريكي، وأنا أدخل فيه المبلغ الذي أريد، ثم أشتري اليورو مثلًا؛ حتى يرتفع، ثم أبيعه بالدولار، فأكسب، وكل هذا يقيد ويسجل في حسابي في المؤسسة, ثم يمكنني أن أقوم مجددًا بالشراء والبيع بهذه الصورة أكثر من مرة، فهل يعتبر هذا قبضًا صحيحًا إذا افترضنا أنه قبض في حسابي في المؤسسة؟ فلو افترضنا أننا الآن نتعامل بنوع آخر من العملات - وهو العملة الإلكترونية- فبمجرد أن أشتري وأبيع إلكترونيًا سيسجل المبلغ إلكترونيا مباشرة لحظة الاتصال بالإنترنت – أي: لحظة البيع أو الشراء - ولا يتأخر، ويمكنني أن أتصرف في المبلغ مجددًا إلكترونيًا، فأنا بذلك قد قبضت المبلغ، ثم تأتي مرحلة تحويل المبلغ من حسابي في المؤسسة إلى حسابي البنكي وقت ما أريد، سواء بعد يومين أم أكثر، بمعنى أني أريد سحب المبلغ من حسابي في المؤسسة إلى حسابي في البنك، وإذا كان الجواب: "هذا القبض لا يجوز"، فهل الصورة الثانية صحيحة؟
الصورة الثانية: أشتري اليورو، وأنتظر حتى يرتفع، ثم أبيعه بالدولار، فعندما يسجل المبلغ - سواء بربح أم بخسارة في حسابي في المؤسسة - أطلب تحويله إلى حسابي البنكي، وهذا قد يستغرق يومين أو أكثر بالعرف؛ لأن البورصة كبيرة، وتتعامل بالمليارات، فعندما يحول إلى حسابي البنكي أكون قد قبضته، فهل هذه القبض صحيح؟ وسؤال أخير مهم وهو: حسابي بالدولار في البنك وفي المؤسسة، فعندما أشتري يورو مثلًا بألف دولار, ففي هذه الحالة لا أستطيع أن أقبض اليورو؛ لأن حسابي لا يدخله إلا عملة الدولار، فأنتظر حتى يرتفع اليورو، ثم أبيعه بالدولار، ومن ثم أستطيع قبضه, فهل عدم قبض اليورو الذي اشتريته في المرة الأولى جائز؟ أفيدوني بشيء من التفصيل - بارك الله فيكم - وإن كان من نصيحة للاستفادة من هذا المجال، فأرجو من الإخوة توجيهنا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج عليك في التعامل وفق ما ذكرت، وإيداع المال في حسابك لدى المؤسسة يعتبر قبضًا حكميًا كافيًا فيما يشترط فيه القبض.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: من صور القبض الحكمي: إذا أودع في حساب العميل مبلغًا من المال مباشرة، أو بحوالة مصرفية، ويغتفر تأخر القيد المصرفي بالصور التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. انتهى.

وفي الصورة التي ذكرت أنه لا يمكن إيداع المال بحسابك لأنه خاص بعملة ما، لا يؤثر ذلك إذا كانت العملة التي اشتريتها تسجل باسمك، وتبقى لدى المؤسسة؛ لأنها تعتبر وكيلة عنك في قبض العملة، وعدم إمكان إيداعها في حسابك لمانع، لا يؤثر في المعاملة.

ولمزيد من الفائدة حول القبض الحكمي في الصرف انظر الفتوى رقم: 161999.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني