الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يراعى في نصح المرأة التي تقيم علاقة عاطفية والأدب المطلوب

السؤال

هل علي إثم إذا لم أكرر النهي لأختي عن مكالمة شخص في الهاتف كعلاقة غير شرعية، فقد صارت تنفر مني أحيانا، ولا تقترب وكأنها تقول لنفسها: ستنصحني وهكذا. فقد حاولت أن أسكت في أوقات لقائي بها، وأحيانا أعطيها معاني في كلامي، وأحيانا أمازحها آه ما زلت -هداك الله- تتكلمين؟)
وقد نمت معها ذات يوم وحاسبتها فتقول لي: اسكتي -أراحك الله- ولا تتكلمي في الموضوع )
فأصبحت أخاف من نفورها مني إذا خاصمتها بشكل مباشر، فهي أصغر إخوتي، والوحيدة التي لم تتزوج، بل جاءت الأخت الكبيرة وأقامت معها في منزل الوالد بعد طلاقها، ومعها ثلاثة أولاد، ومزاجها لا ينسجم مع الكثير منا. المهم جو المنزل غير مريح بسبب وجود أختنا المطلقة وأولادها في المنزل، وخصوصا بعد وفاة أمنا -رحمة الله عليها- وأرجو أن لا تنسوها من الدعاء بارك الله فيكم.
فبماذا تنصحوني فقد صرت أخاف من غضب الله علي بسبب هذا التراخي، وقد بدأت نفسيتها تتعب.
بارك الله فيكم ساعدوني، فأنا في حزن بعد فراق أمي، منذ ثلاثة أشهر، ويزداد معي لهذا الأمر. خصوصا مع كثرة مشاكل أختي المطلقة معها، ووجدتها تلجأ لهذا الشيء كأنه يحن عليها، فلا أدري كيف أتخلص ممن يصطادونها لتكلمهم، ويضحكون عليها بالكلام المعسول.
وكيف أقنعها أن تترك ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأحسن الله عزاءكم في أمكم، ونسأل الله لها المغفرة والرحمة، وأن ينور لها قبرها، ويوسع لها فيه، وأن يرزقها الفردوس الأعلى إنه سميع قريب.

ولا يخفى أنه لا يجوز للمرأة المسلمة أن تكون على علاقة عاطفية مع رجل أجنبي، كما سبق وأن بينا في الفتوى رقم: 30003.

فإن كانت أختك على ما ذكرت من إقامتها مثل هذه العلاقة، فهي مسيئة إساءة بالغة، وعلى خطر عظيم؛ لأن هذا طريق إلى الشر والفساد، وانتشار الفواحش.

ونشكرك على حرصك على إصلاحها، وهدايتها إلى الحق والصواب، فنسأل الله أن يحقق لها ذلك. ومن أهم ما نوصيك به الدعاء لها، فالقلوب بيد الرحمن وهدايتها من شأنه؛ قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {القصص:56}. وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك. ثم عليك بالصبر عليها، ومعاملتها معاملة كريمة ومناصحتها بالحسنى، فذلك من أعظم السبل لامتلاك القلوب والتأثير عليها، وتحصيل ثمرة النصيحة؛ وراجعي الفتوى رقم: 13288.

وينبغي الاستمرار في النصح ما رجي له نفع، وينبغي مراعاة الأوقات، والأحوال المناسبة للنصح. وإذا كان في وقت ما مدعاة لملل المنصوح، وضجره من النصيحة، ونفوره من الناصح، فليترك إلى الوقت المناسب؛ وراجعي الفتوى رقم: 131259 ، والفتوى رقم: 119075. هذا مع العلم بأن الهجر قد يكون أنفع من التأليف، فليلجأ إليه إذا غلب على الظن مصلحته، فإن الهجر والتأليف تراعى فيه المصلحة. وعلى وليها أن يكون حازما معها بحيث يردعها عن فعلها هذا؛ فقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}.

نقل المفسرون في معنى هذه الآية عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أي علموهم وأدبوهم .اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني