الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم توكيل الجمعيات الخيرية في صرف فدية الأذى عن الحاج

السؤال

علي كفارة أذى في الحج، ونويت أن أخرجها إطعام مساكين، ولكني سألت فوجدت إحدى الجمعيات الخيرية تخرج إطعام مسكين، عبارة عن وجبة (أرز مع الدجاج) تكلفتها حوالي 12 ريالا.
فهل يجزئ هذا الإطعام أم لا؛ لأنني لا أعرف كيف أطعم نصف صاع لكل مسكين، ومن أي الأطعمة يكون؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز لك توكيل الجمعية الخيرية على ما لزمك من فدية الأذى، إذا كانت الجمعية محل ثقة، فقد نص أهل العلم على صحة التوكيل في كل ما لا يتعلق غرض الشارع بمباشرة الموكل له بنفسه، ومن ذلك إخراج الكفارات وما شابهها من فدية الأذى؛ وانظر الفتوى رقم: 185113.

وهذا إذا كانت الجمعية المذكورة تطعم المساكين بمكة، وأما إذا كانت تطعم خارجها، فقد اختلف العلماء في إجزاء الإطعام خارج الحرم؛ فأجازه الحنفية والمالكية، ولم يجزه الشافعية، واشترطوا أن يكون الإطعام لمساكين الحرم، ووافقهم الحنابلة، إلا أنهم استثنوا ما إذا كان فعل المحظور خارج الحرم فيجزئ حيث وجد سببه. وانظر الفتوى رقم: 133030

ولو أمرتهم أن يطعموا مساكين الحرم خروجا من الخلاف، لكان أحسن.

والأصل إطعام ستة مساكين ثلاثة آصع؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد.

قال ابن عثيمين في الشرح الممتع لزاد المستقنع: القسم الثاني: ما قدر فيه المدفوع، والمدفوع إليه، كما هي الحال في فدية الأذى، وهي فدية حلق الرأس في الإحرام، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لكعب بن عجرة ـ رضي الله عنه ـ: «أطعم ستة مساكين، لكن مسكين نصف صاع» متفق عليه. وعلى هذا فلا بد أن نخرج نصف صاع لكل واحد من الستة المساكين..." انتهى.

وعليه فالأولى أن توكل من يُخرج الآصع لكل مسكين نصف صاع، ونصف الصاع من الأرز يساوي تقريباً كيلو ونصفاً؛ وراجع الفتوى رقم:26376، وإذا أطعمتهم هذا القدر، وزدت عليه الدجاج، فلا بأس لحصول الواجب، وزيادة الدجاج.

وبهذا تعلم جواب سؤالك، وهو أنه لا بد من أن يكون الأرز للمسكين نصف صاع على الأقل، فإن كان الأرز في الوجبة المذكورة يعادل نصف صاع أو أكثر، فهي مجزئة، وإلا فلا.

وللفائدة فقد بينا أن مرتكب المحظور مخيّر بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة تجزئ في الأضحية؛ وانظر الفتوى رقم: 181545 . والذي يصح التوكيل فيه هو الإطعام والذبح، وأما الصيام فلا يصح ذلك فيه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني