الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الوصف بالمصدر كناية ومداعبة

السؤال

ما حكم وصف شخص بأنه الحب كله، على سبيل الكناية والمداعبة؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقول: فلان الحب ـ يراد به المبالغة بطريق النعت بالمصدر، وهو مستعمل في لغة العرب، قال الخطابي في غريب الحديث: قوله: إنّ الكَرم الرَّجلُ المُسْلُم ـ يُريدُ الكريم، وقد يُنْعت الفاعل بالمصدر كقولهم: رَجُل عَدْل، ورجل صَوْم بمعنى صائم، ونوم بمعنى نائم، وقد يُنْعَتُ بِهِ المفعول أيضًا كقولك رَجُل رِضًا، وهذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمِير، وجاءني الخَلْقُ يُريد المخلوقين، فإذا نَعتَّ الفاعلَ بالمصْدر كَانَ الواحِدُ والجَمِيعُ والمذكَّر والمُؤَنَّث فيه سَواء.

وقال الشنقيطي في أضواء البيان: وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ ـ مِنَ النَّعْتِ بِالْمَصْدَرِ، لِأَنَّ الْهُونِ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْهَوَانِ، وَالنَّعْتُ بِالْمَصْدَرِ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ مَعْرُوفٌ، أَشَارَ إِلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ: وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيرًا فَالْتَزَمُوا الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا ـ وَهُوَ مُوَجَّهٌ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيِ الْعَذَابِ ذِي الْهُونِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ، فَكَأَنَّ الْعَذَابَ لِشِدَّةِ اتِّصَافِهِ بِالْهَوَانِ اللَّاحِقِ بِمَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ ـ صَارَ كَأَنَّهُ نَفْسُ الْهَوَانِ، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي مَحَلِّهِ. انتهى.

وقولك: كله ـ مزيد مبالغة، ولا يُعد كذباً، فلا يُعنى بذلك الحصر، قال النووي في شرح مسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: من سلم المسلمون من لسانه ويده ـ قالوا معناه المسلم الكامل، وليس المراد نفي أصل الإسلام عن من لم يكن بهذه الصفة، بل هذا كما يقال: العلم ما نفع، أو العالم زيد أي الكامل، أو المحبوب، وكما يقال: الناس العرب، والمال: الإبل، فكله على التفضيل لا للحصر. انتهى.

ومع هذا، فالأولى عدم المبالغة في المدح، وراجع الفتوى رقم: 245698.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني