الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يوم التوبة خير يوم يمر على التائب

السؤال

فضيلة الشيخ أنا شاب تبت إلى الله بعد أن ارتكبت الكثير من المعاصي فقد تركت الصلاة بحيث أصلي فرضا وأترك ألفا وأفطرت شهوراً من نهار رمضان وأجامع زوجتي في نهار رمضان ومارست الزنا وأحلف بالطلاق على زوجتي على أن تقوم ببعض الأشياء وهي لا تنفذ هذا الطلاق أحيانا وأنا لا أقصد الطلاق لها إنما الردع وقد أخذت أموال الناس ولا أدري كيف أرجع الأموال فبعضهم قد انتقل إلى ربه وآخرون لا أستطيع إخبارهم أني أخذت من أموالهم فضيلة الشيخ أنا حيران جداً فلا أدري ماذا أعمل بعد كل ما فعلت فلا أدري كم صلاة تركت ولا كم شهرا أفطرت ولا كم أياما جامعت وهل امراتي بانت مني أم لا أرجو الرد علي سريعا والدعاء لي بالثبات على الاستقامه على دين الحق ولكم الشكر ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاعلم -أخي الكريم- أن التوبة تَجُبّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الله، فيوم توبتك هو خير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، فأبشر بالراحة والسعادة والطمأنينة، وإياك والقنوط واليأس والحيرة، ونحو ذلك، فإن كل ذلك من الشيطان ليفسد عليك توبتك . إلا أن هناك بعض الواجبات يجب عليك القيام بها بعد توبتك وهي:
أولاً: قضاء ما تركته من الصلوات.
ثانيًا: قضاء ما أفطرته من رمضان، وما دمت لا تجزم بتحديد عدد الصلوات التي تركتها والأيام التي أفطرتها فاجتهد وتحرَّ بقدر الاستطاعة واقضِ ما تظن أن ذمتك تبرأ به عند الله تعالى، ولا تؤاخذ بما لم تفعله بعد ذلك إن بقي عليك شيء منهما؛ لأنك قد فعلت ما في وسعك.
وأما جماعك لزوجتك في نهار رمضان أو مقارفة الزنى فيه فهو على قسمين:
أولهما: أن تفعل ذلك وأنت صائم فالواجب عليك قضاء الأيام وكفارة لكل يوم جامعت فيه وأنت صائم، والكفارة هي عتق رقبة، وهي غير موجودة في هذه الأيام، ولذا فصم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكينًا.
والثاني: أن تفعل ذلك وأنت مفطر، فالواجب عليك قضاء الأيام فقط دون الكفارة.
وأما حلفك على زوجتك بالطلاق معلقًا على فعلها لشيء أو تركه ولا تنفذ ما علقت طلاقها عليه فالراجح من أقوال العلماء أنها تطلق سواء قصدت الطلاق أو لم تقصده، ولذا فإن كنت قد حلفت بطلاقها واحدة في المرة الأولى ولم تراجعها حتى انقضت عدتها فإنها تبين منك بينونة صغرى، والواجب عليك الآن إن أردتها أن تبقى زوجة لك أن تذهب إلى وليها فيجدد لك العقد بحضور شاهدي عدل ومهرٍ جديد.
وإن كنت حلفت بطلاقها ثلاثًا في المرة الأولى فإنها تبين منك بينونة كبرى، ولا تحل لك حتى تنكح زوجًا غيرك بشرط عدم تواطئك معه على تحليلها لك.
وأما الأموال التي أخذتها من أصحابها فمن علمته منهم وجب عليك رد ماله إليه إن كان حيًّا أو إلى ورثته إن كان ميتًا إما بطريق مباشر إن استطعت، وإما بطريق غير مباشر بأن يكون ذلك بوضعه في ظرف وكتابة رسالة معه ووضعه في مكان خاص بصاحبه وتكون هذه الرسالة فيها بيان أن هذا المال له وأنه أعاده إليه تائب إلى الله يرجو براءة ذمته، والستر على نفسه أو أعطه شخصًا أمينًا يعطيه إياه ولا يخبره باسمك ويطلب منه العفو والسماح.
وأما الأموال التي لا تعرف أصحابها ولا أمل لك في العثور عليهم، فتصدق بها عنهم وعليك بالدعاء والاستغفار ومجالسة الصالحين، وأهل العلم فإنهم خير معين لك على الثبات على التوبة.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني