الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل كان يوجد يهود ونصارى على الدين الصحيح في زمن بعثة النبي

السؤال

هل هناك من بقي من النصارى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على التوحيد، وعلى الدين الصحيح الذي جاء به النبي عيسى عليه السلام؟
وهل هناك من اليهود من بقي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على دين التوحيد، الذي جاء به النبي موسى عليه السلام بغير تحريف؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا لم نطلع على ما يثبت وجود يهود على دين موسى في زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، إنما الظاهر أنهم جميعا كانوا يكذبون بعيسى عليه السلام، ويتهمونه بالسحر؛ فقد قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ {الصف:6}.

وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا {النساء:150-151}.

وقال تعالى: وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ. (النساء: 156-157).

وجاء في مشكل الآثار للطحاوي ما يفيد أن من بقي على الدين الصحيح في عهد الفترة كانوا نصارى؛ فقد روى الطحاوي بسنده عن عياض بن حمار -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: إن الله تبارك وتعالى اطلع على عباده فمقتهم، عجمهم وعربهم؛ إلا بقايا من أهل الكتاب.

قال الطحاوي: فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لم يدخل في مقت الله عز وجل ذلك بقايا من أهل الكتاب وهم عندنا - والله أعلم - الذين بقوا على ما بعث به عيسى صلى الله عليه وسلم ممن لم يبدله، ولم يدخل فيه ما ليس منه، وبقي على ما تعبده الله عليه عز وجل حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ هذا القول. والله تعالى نسأله التوفيق. اهـ.

وقد ذكر بعض أهل العلم أن من اليهود من هاجروا بعيدا، وبقوا متمسكين بالديانة اليهودية، ولكن هذا لم يثبت من طريق مسند معتبر.

فقد ذكره الطبري في جامع البيان في تفسير القرآن، موقوفا على بعض التابعين فقال في تأويل قوله تعالى: وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ {الأعراف:159}: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون. قال: بلغني أن بني إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم كفروا، وكانوا اثني عشر سبطا، تبرأ سبط منهم مما صنعوا، واعتذروا، وسألوا الله أن يفرق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نفقا في الأرض، فساروا فيه حتى خرجوا من وراء الصين، فهم هنالك حنفاء مسلمون، يستقبلون قبلتنا ... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني