الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من طلق زوجته في الحيض جاهلا بالحكم، وهل يجب إرجاعها؟

السؤال

حصل بيني وبين زوجتي خلاف، وأوصلتها إلى بيت أهلها إثر ذلك الخلاف، ثم اتصلت عليها وطلقتها طلقة واحدة وهي في بيت أهلها، وكنت أعلم أنها حائض، ولم يكن لدي علم بعدم جواز ذلك الطلاق، وأنه مخالف للشرع، ويأثم صاحبه، فما الواجب عليّ فعله إن كنت أريد إرجاعها إذا كان ذلك جائزًا؟ وما الواجب عليّ فعله إن لم يكن عندي نية أو رغبه في إرجاعها؟ وجزاكم الله خير الجزاء، ووفقكم لما يحبه ويرضاه.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فطلاق الحائض بعد الدخول بها طلاق بدعي محرم اتفاقًا، لكن الجاهل بالحكم معذور لعدم العمد، ولكن جهله بالحرمة لا يمنع وقوع الطلاق، ووقوع طلاق الحائض مذهب الجماهير من الفقهاء، وفي المسألة خلاف ينظر في الفتوى رقم: 8507.

وإذا كان الطلاق رجعيًا بأن كانت هذه الطلقة هي الأولى أو الثانية بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة، فإنه يمكنك إرجاع زوجتك ما دامت في العدة، وعدة المطلقة التي تحيض ثلاث حيضات كاملات، كما بيناه في الفتوى رقم: 122275.

والتي لا تحيض ثلاثة أشهر، وعدة الحامل وضع حملها، وتحصل الرجعة بقولك أرجعتك، وللمزيد فيما تحصل به الرجعة من الأقوال والأفعال تنظر الفتوى رقم: 54195.

وإذا انقضت العدة فلا بد لإرجاعها من عقد ومهر جديدين.

وقد اختلف الفقهاء في حكم ارتجاع المطلقة في الحيض على قولين، فذهبت الحنفية، والمالكية إلى الوجوب، وذهبت الشافعية، والحنابلة إلى الاستحباب، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وَتَكُونُ الرَّجْعَةُ وَاجِبَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي حَالَةِ حَيْضٍ، فَهَذَا طَلاَقٌ بِدْعِيٌّ يَسْتَوْجِبُ التَّصْحِيحَ، وَالتَّصْحِيحُ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ بِالرَّجْعَةِ... وَتُسَنُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. اهـ مختصرًا.

بل ذهب المالكية إلى أبعد من ذلك، فقالوا بإجباره على الرجعة كما نقل ذلك عن الإمام مالك، وراجع الفتوى رقم: 145487 بعنوان: طلاق الحائض وكيف تعود لزوجها إذا انتهت العدة.

وإذا ارتجعتها قبل انتهاء حيضتها التي طلقتها فيها فإنه يجب عليك إمساكها حتى تطهر، ثم إن طهرت استحب لك إمساكها حتى تحيض ثم تطهر، قال البهوتي: وَتُسَنُّ رَجَعْتُهَا ـ أَيْ رَجْعَةُ الْمُطَلَّقَةِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ ـ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، فَإِذَا رَاجَعَهَا وَجَبَ إمْسَاكُهَا حَتَّى تَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ سُنَّ أَنْ يُمْسِكَهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً أُخْرَى، فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي هَذَا الطُّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَهُوَ طَلَاقُ سُنَّةٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ. اهـ.

وإذا انقضت عدة المطلقة في الحيض لم يعد الزوج مأمورًا بارتجاعها، بل له أن يتمادى في تركها وله أن يعقد عليها عقدًا جديدًا بتراض منهما مع توفر باقي شروط صحة النكاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني