الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إعادة الفريضة وما ثواب فاعلها؟

السؤال

إذا كان يوجد شخص يؤدي كل صلاة فرض عدة مرات. هل في كل مرة يؤديها يرجى له ثواب فرض؟ هل الأولى أداء ذلك أم أداء النوافل؟ هل يجوز أداء الفروض كالزكاة والصيام في السنة الواحدة، ويكون ثوابها ثواب الفروض؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإعادة الفريضة من غير سبب يقتضى ذلك مكروه , فقد جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية متحدثا عن إعادة الصلاة المفروضة من غير سبب: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَهُوَ فِي الْإِعَادَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ, وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ, وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْصِدَ إعَادَةَ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِي الْإِعَادَةَ؛ إذْ لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لِلصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ كَانَ يُمْكِنُ الْإِنْسَانَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَرَّاتٍ, وَالْعَصْرَ مَرَّاتٍ, وَنَحْوَ ذَلِكَ, وَمِثْلُ هَذَا لَا رَيْبَ فِي كَرَاهَتِهِ, وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ الْأَسْوَدِ: فَهُوَ إعَادَةٌ مُقَيَّدَةٌ بِسَبَبِ اقْتَضَى الْإِعَادَةَ, وَهُوَ قَوْلُهُ: {إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا, ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ؛ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ} فَسَبَبُ الْإِعَادَةِ هُنَا حُضُورُ الْجَمَاعَةِ الرَّاتِبَةِ, وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى ثُمَّ حَضَرَ جَمَاعَةً رَاتِبَةً أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُمْ. انتهى.

وبناء على ذلك , فمن كان يعيد فريضة عدة مرات , من غير سبب شرعي , فقد ارتكب مكروها , ولايحصل له ثواب الفريضة , ومن الأفضل فى حقه أن يصلي ماشاء من النوافل , ولا يتعمد إعادة الفرض.

وبخصوص ما ذكرته من الزكاة , والصيام , فإن الشخص إذا أخرج ما وجب عليه من زكاة , فقد سقط عنه الفرض، ويجوز له بعد ذلك أن يخرج من ماله ما شاء للفقراء , ولا يسمى ذلك فرضا , بل هو تطوع وهو مثاب عليه لكنه ثواب تطوع لا ثواب فرض.

كما أن من صام رمضان , فقد سقط عنه الوجوب , وله أن يتطوع بما شاء من الصيام فى تلك السنة , وهو مثاب على هذا الصوم ثواب نفل لا ثواب فرض , فالفريضة هي أعظم ما يتقرب به إلى الله تعالى , وثوابها لا يقارن بثواب النافلة , لقول الله تعالى في الحديث القدسي: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ. رواه البخاري وغيره.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: ومعلوم أن أجر الفرض أكثر من أجر النفل؛ لقوله عز وجل: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضت عليه. رواه البخاري من رواية أبي هريرة, وقد قال إمام الحرمين من أصحابنا عن بعض العلماء: إن ثواب الفرض يزيد على ثواب النافلة بسبعين درجة. انتهى

وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: ويستفاد منه أن أداء الفرائض أحب الأعمال إلى الله, قال الطوفي: الأمر بالفرائض جازم, ويقع بتركها المعاقبة, بخلاف النفل في الأمرين, وإن اشترك مع الفرائض في تحصيل الثواب, فكانت الفرائض أكمل, فلهذا كانت أحب إلى الله تعالى, وأشد تقريبًا. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني