الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من عليه نذور وأيمان كثيرة

السؤال

كثرت علي النذور والأيمان بأشياء مختلفة حيث ممن الممكن أن تصل إلى أكثر من مائة مرة، فالأيمان والنذور أصبحت من الأشياء العادية عندي. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن على المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الأيمان والنذور، فقد قال الله تعالى في حفظ الأيمان: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.

وقال جل وعلا: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ{البقرة: 224}.

وورد ذم كثرة الحلف في قول الله عز وجل: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ {القلم: 10-13}.

فجاء ذكر الحلاف مع هذه الصفات المذمومة، فدل ذلك على ذمه، قال العلماء: لا تكثروا الحلف بالله وإن كنتم بارين مصلحين، فإن كثرة الحلف بالله ضرب من الجرأة عليه.

وكذلك كثرة النذور لا تنبغي، فإنها قد توقع صاحبها في الحرج والعجز عن الوفاء بها، وخاصة إذا كان النذر معلقا على حصول شيء، فقد روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وإنما يستخرج به من البخيل.
وبخصوص كثرة الأيمان وتكرارها، فلا تخلو من الحالات التالية:

1ـ أن تحلف، ثم تحنث في يمينك وتخرج كفارة، ثم تحلف يمينا أخرى ثم تحنث فيها كذلك، فهنا تلزمك كفارة عن اليمين الجديد باتفاق العلماء.

2ـ أن تحلف عدة أيمان على أمور مختلفة، ففي هذه الحالة يلزمك إذا حنثت عند الجمهور عن كل يمين كفارة، وأما عند الحنابلة فتلزمك كفارة واحدة، لأن موجبها واحد، وهو كفارة اليمين، بخلاف ما لو لزمته كفارات من أجناس متعددة، مثل: كفارة اليمين، وكفارة الظهار، وكفارة انتهاك حرمة رمضان، فيجب التكفير عن كل من هذه المذكورات، فعلى قول الجمهور، عليك أن تجتهد في تقدير عدد الأيمان، وتخرج عنها كفارات بالعدد الذي يغلب على ظنك أنه مبرئ لذمتك، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 200471.
3ـ أن تحلف عدة أيمان على أمر واحد ثم تحنث فيها، فالراجح في هذه الحالة إخراج كفارة واحدة، وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 12993، 60148، 160779.

وأما النذور التي صدرت منك: فإن كانت معلقة على حصول أمور معينة وقد حصلت، فإن عليك الوفاء بهذه النذور جميعا، فما كان منها نذر مال أخرجت عنه المال، وما كان منها صلاة أو صوما، فإن عليك الوفاء بكل ذلك على الكيفية التي نذرته بها، وما نسيت منها فانظر حكمه في الفتوى رقم: 112006، وما أحيل عليه فيها.

وما كان من النذور الغير معلقة على شيء أصلاً فقد ترتبت في ذمتك، بمجرد عقدها، وفي حال لزوم الكفارة فإنه لا تجزئك كفارة واحدة عن الجميع، ومن فرط في الوفاء بالنذر مع القدرة عليه فقد عصى الله تعالى وعرض نفسه للعقاب إذا لم يعف الله عنه، وانظر في العاجز عن الوفاء بالنذر الفتوى رقم: 26871.

وانظر في أحكام كفارة اليمين الفتوى رقم: 26595.

وإن كانت تلك النذور من نوع نذر اللجاج فالحكم فيها قد بيناه في الفتوى رقم: 256072.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني