الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف أو عاهد الله على ترك أمر ما ثم فعله

السؤال

أنا ثرثارة جدا، وكثيرا ما أجرح من أمامي، لأنني لا أفكر قبل أن أنطق، أو أقول كل ما في قلبي، أو كل ما أعرفه، ولا أستطيع أن أجامل أحدا حيث أشعر بالنفاق، فماذا أفعل؟ أريد التخلص من هذه الصفة، حيث إنني حين أتكلم لا أشعر بالخطأ، لكنني أشعر بالندم بعدها، وأيضا كسولة فهل هناك حل؟ وهل إذا عاهدت الله على ترك صفة أو فعل كثير من الأمور، وحلفت على هذا، وحنثت أو أخلفت العهد يغضب الله مني ولا يقبل توبتي من مخالفة العهد؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الثرثرة: فعلاجها استحضار عظم خطر اللسان، وأنه أكثر ما يردي ابن آدم، فإن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت.

والنصوص في ضرورة حفظ اللسان وبيان عظم خطره كثيرة جدا، ومما يعين على التغلب على هذا الداء استحضار أن الله تعالى سميع، وأن كلام العبد مسجل عليه لا يخفى على الله منه شيء، ولا يغادر الملكان منه كلمة إلا كتباها، كما قال تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ {ق:18}.

فيستحيي العبد أن يتكلم بما يعلم أنه مؤاخذ به عند الله تعالى، ومما يعين على ترك تلك العادة الذميمة لزوم ذكر الله تعالى، وشغل اللسان بالنافع من الكلام، فإن اللسان إذا رطب بذكر الله يبس من أضداد ذلك، وإذا يبس من الذكر فهو لابد مشتغل بضد ذلك، إذ لابد للسان من الحركة، فليشغل العاقل نفسه بطاعة الله، وليحرك لسانه بما يعود عليه بالنفع في آخرته، ومما يعين على ذلك أيضا قراءة سير الصالحين الممسكين لألسنتهم، ومصاحبة الأخيار ممن يقل كلامهم، ويحفظون ألسنتهم، وقبل ذلك وبعده مجاهدة النفس مجاهدة صادقة والاستعانة بالله تعالى والاجتهاد في دعائه.

وأما الكسل: فقد كان يتعوذ منه نبينا صلى الله عليه وسلم، وعلاجه بعد الاستعانة بالله والاجتهاد في دعائه ومجاهدة النفس في استحضار قصر الحياة الدنيا وخطورة تضييع الأوقات وأن كل نفس يخرج من العبد فلا يمكن تعويضه ولا استرجاعه، ومن ثم فالواجب مبادرة الآجال بحسن الأعمال، فإن أحدا لا يدري متى يفجؤه الموت.

وأما نقض العهد مع الله تعالى: ففيه كفارة يمين، ومثل ذلك ما لو حلف على ترك أمر ثم حنث في حلفه، والتوبة مقبولة من كل من تاب إلى الله تعالى لا يغلق بابها في وجه أحد حتى تطلع الشمس من مغربها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني