الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قطع رأس أبي جهل غير ثابت

السؤال

هل احتز ابن مسعود رأس أبي جهل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا قد ذكره غير واحد ممن ألف في السيرة النبوية، ولكن لم نجد له إسنادا صحيحا، وقد عقد البخاري في صحيحه بابا في مقتل أبي جهل، أسند فيه حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه أتى أبا جهل وبه رمق يوم بدر، فقال: أبو جهل: هل أعمد من رجل قتلتموه.
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من ينظر ما صنع أبو جهل ـ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، قال: أأنت، أبو جهل؟ قال: فأخذ بلحيته، قال: وهل فوق رجل قتلتموه، أو رجل قتله قومه. فهذا القدر المختصر ثابت في الصحيحين.

وروى الطيالسي في مسنده، وأبو عوانة في مستخرجه، والطبراني في معجمه الكبير، والبيهقي في الكبرى عن ابن مسعود قال: أدركت أبا جهل يوم بدر صريعا، فقلت: أي عدو الله، قد أخزاك الله، قال: وبما أخزاني الله من رجل قتلتموه؟ ومعي سيف لي فجعلت أضربه ولا يحتك فيه شيء، ومعه سيف له جيد فضربت يده فوقع السيف من يده فأخذته، ثم كشفت المغفر عن رأسه فضربت عنقه، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: الله الذي لا إله إلا هو؟ قلت: الله الذي لا إله إلا هو، قال: انطلق فاستثبت، فانطلقت وأنا أسعى مثل الطائر ثم جئت وأنا أسعى مثل الطائر أضحك، فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انطلق فأرني، فانطلقت معه فأريته، فلما وقف عليه صلى الله عليه وسلم قال: هذا فرعون هذه الأمة. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة ـ وذكره محمد الصوياني في كتابه: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة ـ وقال: سنده قوي... وللحديث شواهد كثيرة منها شواهد عند الطبراني، وفيها انقطاع بين أبي عبيدة ووالده، ومنها حديث سنده قوي عند البزار. اهـ.
والحقيقة أن في إسناد هذا الحديث اختلافاً على أبي إسحاق السبيعي، فروي كما سبق عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن ابن مسعود، وقال البيهقي: كذا قال: عن عمرو بن ميمون، والمحفوظ: عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن أبيه. اهـ.
وقال الدارقطني في العلل: وأبو عبيدة أصح. اهـ.
ورواه النسائي في السنن الكبرى، ثم قال: خالفه سفيان الثوري، فرواه عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، ورواية سفيان هي الصواب. اهـ.
ورواية سفيان أخرجها الطبراني في المعجم الكبير من طريق ابن مهدي، عنه، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم برأس أبي جهل، فقلت: هذا رأس أبي جهل! قال: الله الذي لا إله غيره؟ وهكذا كانت يمينه، فقلت: والله الذي لا إله غيره، إن هذا رأس أبي جهل، فقال: هذا فرعون هذه الأمة.

فصرح هنا بأخذ ابن مسعود رأس أبي جهل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأبيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني