الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يستوي دعاة الضلال مع دعاة الحق إن وقعوا في بعض الأخطاء

السؤال

وصلتني هذه الرسالة عبر الواتساب، وأرجو توضيح مدى صحة المعلومات التي فيها، وما حكم اتهام العلماء بالانحراف؟ وما حكم من ينشرها؟
"احذر مشاهير منحرفين عقديًّا:
1- أبو حيان التوحيدي صاحب كتاب (الإمتاع والمؤانسة)؛ فهو ضال ملحد. المرجع: (السير للذهبي 17/119)، (لسان الميزان لابن حجر 7/38).
2- ابن سينا صاحب كتاب (القانون)؛ فهو حامل راية الإلحاد، كما قال ابن القيم في النونية. المرجع: (الفتاوي لابن تيمية 4/103 و 9/123 و 11/571)، (البداية والنهاية لابن كثير 6/46)، (السير للذهبي 17/531).
3- أبو الفرج الأصبهاني صاحب كتاب (الأغاني)؛ فهو شيعي فاجر، وكتابه المذكور مملوء بالخنا والفجور. المرجع: (البداية والنهاية 6/280)، (السير 16/201)، (لسان الميزان 4/132)، (معجم الأدباء 4/63).
4- المأمون العباسي الذي أكره الناس على القول بخلق القرآن، وأظهر تفضيل علي على أبي بكر وعمر. المرجع: (البداية والنهاية)، (السير)، (تاريخ الخلفاء للسيوطي).
5- أبو الطيب المتنبي الشاعر المشهور، كان يتشيع، وقيل ادعى النبوة، وأنكر عليه شيخ الإسلام شيئًا من غلوه في المدح. المرجع: (البداية والنهاية 11/273)، (لسان الميزان 1/15).
6- الرازي صاحب التفسير، وتفسيره هذا مليء بالتأويلات المخالفة لمذهب أهل السنة، وفي مصنفاته انحرافات عن السنة. قال الذهبي: قد رجع في آخر حياته إلى مذهب أهل السنة في باب الصفات. والله أعلم. المرجع: (اللسان 4/428)، (الفتاوى 5/294 - 13/181 -16/213 - 17/247)، (البداية والنهاية 14/62)، (السير 21/500).
7- أبو العلاء المعري الشاعر المشهور؛ متهم في دينه، مشهور بالزندقة، كما قال ابن كثير -رحمه الله-، وبعض أشعاره فيها استخفاف بالدين. المرجع: (السير 18/23)، (البداية والنهاية 6/80).
8- الجاحظ أديب المعتزلة؛ قال ابن حزم، والذهبي: كان ماجنا، قليل الدين. وقال ابن كثير: رديء المعتقد. المرجع: (السير 11/526)، (اللسان 4/355)، (البداية والنهاية 6/22).
9- ابن أبي دؤاد؛ جهمي بغيض ينفي صفات رب العالمين، كان عدوًّا للإمام أحمد -رحمه الله-. المرجع: (مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 322)، (السير 11/169)، (الفتاوى 17/299)، (البداية والنهاية 5/333)، (اللسان 1/171).
10- الشريف المرتضى صاحب كتاب (نهج البلاغة)؛ قال الذهبي: رافضي معتزلي، وكتابه نهج البلاغة فيه سب لأبي بكر وعمر. اهـ. المرجع: (الميزان 3/124)، (السير 17/588)، (اللسان لابن حجر 4/223).
11- الفارابي؛ من كبار الفلاسفة، وصفه شيخ الإسلام ابن تيمية "بالضال الكافر" اهـ. المرجع: (السير 15/416)، (البداية والنهاية 11/238)، (الفتاوى 2/86 – 11/570)، (شرح النونية لابن عيسى 2/247).
12- ابن تومرت؛ خارجي فاجر؛ ادعى أنه المهدي، وأنه معصوم، سفك دماء أهل السنة من أهل المغرب، واستحل أموالهم. المرجع: (السير 19/539)، (البداية والنهاية 12/198)، ولشيخ الإسلام -رحمه الله- جواب في بيان ضلالات ابن تومرت هذا.
13- الحكيم الترمذي صاحب كتاب (نوادر الأصول)؛ وهو مليء بالأحاديث المكذوبة، كما ذكر فيه كثيرًا من الإشارات الصوفية، وادعى عصمة الأولياء. المرجع: (الفتاوى 11/373)، (الميزان 5/308) تنبيه: الحكيم الترمذي هذا غير الإمام أبي عيسى الترمذي صاحب السنن؛ فالثاني إمام من أئمة أهل السنة -رحمه الله-.
14- بشر المريسي؛ جهمي مرجئ بغيض، وصفه الذهبي بـ "بشر الشر". وقال أبو زرعة الرازي -رحمه الله-: "بشر المريسي  زنديق". وقد ألف الإمام السلفي عثمان بن سعيد الدارمي -رحمه الله- كتابًا أبطل فيه ضلالات بشر المريسي، وهو مطبوع في مجلدين، وكان ابن تيمية -رحمه الله- يوصي بهذا الكتاب، ويقول: ينبغي لكل طالب سنة أن يقرأه. المرجع: (السير 10/199)، (البداية والنهاية 5/290)، (اللسان 2/92).
15- الزمخشري صاحب التفسير، من دعاة المعتزلة، قال شيخ الإسلام عن تفسيره: تفسيره محشو بالبدعة على طريقة المعتزلة. اهـ. المرجع: (الفتاوى 13/386)، (اللسان لابن حجر 6/4).
16- ابن عربي شيخ الصوفية، صاحب كتاب "فصوص الحكم"، قال عنه العز بن عبد السلام: شيخ سوء كذاب. وهو من أهل وحدة الوجود، ومن أراد الوقوف على كلام أهل العلم فيه فعليه بكتاب (ابن عربي) للشيخ/ دغش العجمي -وفقه الله-؛ فإنه نفيس، وهو مطبوع بتقديم العلامة صالح اللحيدان -حفظه الله-.
17- أبو حامد الغزالي صاحب كتاب إحياء علوم الدين، وكتابه هذا ذمه ابن الجوزي، وابن الصلاح. وأراد المازري، والمالكي، وغيره من المغاربة أن يحرقوه. وللشيخ/ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن -رحمه الله- رسالة في التحذير من هذا الكتاب.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن التحذير من أصحاب الاعتقادات الفاسدة يشرع إن كانت أفكارهم منتشرة، ويخشى على الناس من التأثر بها من باب النصيحة للمسلمين، وقد روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم.
إلا أن هؤلاء المذكورين قد أفضوا إلى ما قدموا، ويذكر عن بعضهم الرجوع عن بعض ما كان عليه، كما روي عن الرازي، والغزالي، ولكنه يبقى التحذير من الأفكار الباطلة مطلوبًا ما دامت الكتب التي تحويه موجودة بين أيدي الناس، مع أنه لا يستوي من كان من دعاة الضلال ومات على ذلك؛ كابن أبي دؤاد، وابن تومرت، مع العلماء المخلصين الذين ألفوا كتبًا تشتمل على بعض الأخطاء؛ كالحكيم الترمذي، والغزالي، ولا مع المتنبي الذي تاب من دعواه الكاذبة على يد والي حمص.

وقد سبق لنا الكلام على أغلب ما ذكر في السؤال، وعلى كلام أهل العلم في الإحياء، وتفسير الرازي، في الفتاوى التالية أرقامها -فراجعيها-: 51093، 60851، 62822، 134439، 136447، 53523، 119273، 32148، 7667، 6784.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني