الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل بحديث: يس لما قرئت له

السؤال

هل يجوز العمل بحديث: يس لما قرئت له. على اعتبار أنه يجوز العمل باﻷحاديث الضعيفة في فضائل اﻷعمال؟
أم أن الحديث شديد الضعف ولا يؤخذ به.
وكيف يعمل العامي بالحديث الضعيف وهو لا يحسن تطبيق الشروط الثلاثة له؟
أم أن على العامي ترك اﻷحاديث الضعيفة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهذا القول المشهور: يس لما قرئت له ـ ليس بحديث أصلا حتى يدخل في مسألة العمل بالحديث الضعيف، وقد نص المعتبرون من أهل العلم على أن هذا اللفظ لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال السخاوي في المقاصد الحسنة: لا أصل له بهذا اللفظ. اهـ.
وعلى ذلك نصت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء، وقال الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف في حاشية كتاب: مرويات في الميزان ـ باطل لا أصل له عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
ثم إنه على افتراض أن له أصلا، ولكنه واه شديد الضعف، فلا يدخل أيضا في مسألة العمل بالحديث الضعيف، لأن أول ما يشترط لذلك أن لا يكون شديد الضعف، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 226594.

وعلى ذلك، فلا يصح العمل بهذا اللفظ الذي لا أصل له ولو ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قال الشقيري في السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات: قراءتهم سورة يس أربعين مرة بدعائها المخترع المحدث لإهلاك شخص، أو فك مسجون، أو قضاء حاجة، جهل أيضا وبعد عن اتباع الحقائق الشرعية، وحديث: يس لما قرئت له ـ قال الحافظ السخاوي: لا أصل له، وكذا حديث: خذ من القرآن ما شئت لما شئت ـ فتشت عنه كثيرا في الكتب فلم أجد له أصلا، وفي آخر تفسير سورة يس من البيضاوي والنسفي أحاديث موضوعة في فضلها، فينبغي أن لا يعول عليها. اهـ.

وسئل عليش المالكي عن هذا الحديث، وهل هو صحيح، وما يترتب على من شنع على من أنكر صحته؟ فأجاب بما نصه: الحمد لله، نص الحافظ السخاوي في كتابه المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة على أن هذا الحديث لا أصل له، وكذلك سيدي محمد الزرقاني في مختصره، ويترتب على المشنع المذكور الأدب الشديد، لتجريِّه على التكلم بغير علم، والظاهر من حال هذا الرجل أنه جاهل جاف غليظ الطبع لم يخالط أحدا من أهل العلم... اهـ.

ونقل عن شيخه أبي يحيى مصطفى البولاقي المالكي: أنه كتب في جواب هذا السؤال ما نصه: الحمد لله، من المعلوم لكل أحد أن الأحاديث لا تثبت إلا بالأسانيد، لا بنحو الكشف وأنوار القلوب... ودين الله لا محاباة فيه والولاية والكرامات لا دخل لها هنا، إنما المرجع للحفاظ العارفين بهذا الشأن، والحديث عندهم متفق على أنه لا أصل له... اهـ.

وجاء في فتاوى مجلة المنار لرشيد رضا سؤال فيه: كان من مذهب مالك ـ رحمه الله ـ كراهة القراءة على الجنائز وكراهة رفع الصوت خلفها، ولكن أتباع مالك في المغربين تأصلت فيهم عادة قراءة سورة يس ورفع الصوت بلا إله إلا الله خلف الجنازة، بالرغم من إجماع مصنفي وشراح فقه مالك على كراهة ذلك، وأنها ليست من فعل السلف... فالرجاء أن تفيدونا بدرجة الحديث هل يُعْمَل به كما ذكر أو لا؟ فجاء في الجواب:.. ما ذكرتم من مذهب مالك ـ رحمه الله ـ في المسألة هو الحق، وما ذكرتم من مخالفته فهو بدعة، والحديث المذكور لا يُحْتَج به. اهـ.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 31391.

وأما حال العامي مع الحديث الضعيف وتطبيق شروط العمل به: فحكمه حكم سائر الأحكام الشرعية التي يجهلها ولا يحسنها، ففرضه سؤال أهل العلم، فإن اختلفوا عليه قلد الأوثق في نفسه، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 5583، ورقم: 227992.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني