الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل نفقة تعليم الأبناء واجبة على الآباء

السؤال

أحدهم يسأل:
أنا طالب جامعي مغترب، عمري 25 سنة، والدي صرف على إخوتي الأربعة الأكبر مني -كلهم الآن يعملون ولله الحمد- حتى أكملوا دراستهم الجامعية، وقد توقف عن العمل منذ بضع سنوات، ولكن لديه مصدر دخل؛ كإيجار محلات، وشقتين يمتلكهما، وكذلك لديه أراض يمتلكها ورثها من أبيه يمكنه بيعها إن أراد، ولديه أسهم في شركات. أريد أن أعرف ما لي من حقوق، وما عليّ من واجبات من الناحية الشرعية، أنا تأخرت في دراستي لأسباب صحية بالدرجة الأولى، منذ قرابة ثلاث سنوات وأحد إخوتي يرسل لي المال شهريًّا، وقبل سنة بدأ بمساعدته أخ آخر من إخوتي، وهذا جعلني في حرج شديد؛ إذ لا أطلب منهما إرسال المال لي حتى وإن تأخرا حفظًا لكرامتي، وكذلك فهذا الأمر جعلني أنوي إعادة المال الذي يرسلانه لي لأنهما غير ملزمين -فيما أعلم- بالإنفاق عليّ، ولكيلا يكون لهما عليّ منّة (وقد رأيت منهما -تلميحًا- بوادر التأفف من تأخر دراستي وإنفاقهما للمال عليّ).
والدي مقتدر على الإنفاق عليّ، لكنه أحال الأمر برمته لإخوتي -كما أسلفت-، كذلك فوالدي يرسل له أخَوَي المال شهريًّا باعتبارهما أكثر الموسرين -والحمد لله-، رغم عدم حاجة والدي لهذا المال، أريد فقط معرفة حقوقي كيلا يأتي أحد إخوتي -أو كليهما- غدًا ويمنّ عليّ، أسئلتي:
1- هل كان والدي ملزمًا بالنفقة عليّ حتى أنهي دراستي الجامعية على الأقل، كما فعل مع إخوتي كلهم الأكبر مني (وأحدهم تأخر مثلي وبنفس المقدار من التأخير تقريبًا في دراسته لتقصيره لا لمرض، وآخر درس الماجستير على حساب والدي، والكبير هو الوحيد الذي تزوج على حساب الوالد، وآخر ساعده الوالد في زواجه)؟
2- هل يجب على إخوتي -إذا فرضنا أن والدي ليس مقتدرًا- الإنفاق عليّ؟ وكيف يتم توزيع ذلك عليهم (علمًا أن ثلاثة منهم مقتدرون ماديًّا -ولله الحمد-، ولكن الكبير صعب في التعامل ويحب المال)؟
3- هل يجب عليّ شرعًا رد أي شيء لأخَوَي مما دفعاه عليّ؟
4- هل يحق لأخَوَي -إذا توفي والدي- أن يطلبا استرداد ما أنفقاه عليّ من التركة قبل قسمتها (لأني لا أعلم نيتهما، وهل يدفعان المال لي الآن على سبيل الهبة أم الدَّيْن)؟
آسف على الإطالة، وجزاكم الله تعالى خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام والدك قد أنفق على إخوتك حتى أكملوا دراستهم الجامعية، فإن عليه أن يفعل معك الشيء نفسه؛ قال ابن عثيمين: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج، فزوجه؛ فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج، وأرادوا أن يتزوجوا، أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ.

وأما إخوتك: فلا تجب عليهم نفقتك، أحرى الإنفاق على مصاريف دراستك الجامعية التي هي أصلًا غير داخلة ضمن النفقة الواجبة، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 50068، والفتوى رقم: 59707، والفتوى رقم: 64958.

ومن ثم فإن إنفاقهم على مصاريف دراستك يعد تبرعًا منهم، وليس لهم الرجوع بها عليك، إلا إذا أنفقوا عليك بنية الرجوع بما أنفقوا، وفق ما فصلناه في الفتوى رقم: 124857، وما أحيل عليه فيها.

ولا علاقة للأمر بالتركة أو قسمتها، فتلك المصاريف إن ثبتت دَينا عليك فهي في ذمتك أنت.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني