الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تيمم مّن يظن أنه سيتضرر من استعمال الماء

السؤال

أنا سيدة مصابة بمرض الذئبة، ومعظم الأوقات أتيمم للغسل والوضوء؛ لأن كثرة استعمال الماء تسبب لي زيادة المرض، والانتفاخ، وتيبسًا في المفاصل، وأتذكر قول الله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ـ وأحيانًا أحس أنني بحالة جيدة، وأستطيع استعمال الماء، ومرات عديدة عندما أستعمل الماء يعاودني المرض؛ لأن هذا المرض ليس له وقت محدد، فأحيانًا أصبح بحالة جيدة، وأمسي مريضة؛ لذلك ينتابني وسواس، وأخاف أن لا يقبل الله صلاتي، فهل أتيمم أم أتوضأ، وأنا أخاف أن يتفاقم المرض؟ وأنا حاليًّا في الشهر الثاني منذ أن أعطتني الطبيبة حبوب منع الحمل وحيدة البروجسترون، التي لا تؤدي إلى تفاقم المرض، لكنها تسبب لي عدم اعتدال أيام الدورة الشهرية، فقد جاءتني 10 أيام في الشهر الأول، و10 أيام في الشهر الثاني، ولم تتوقف بعد، مع العلم أنها كانت 6 أيام معتدلة قبل تغيير نوع الحبوب، فما حكم الصلاة، والصوم، والجماع في هذه الحالة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله لك الشفاء، والعافية.

وأما عن سؤالك الأول: فإن العدول إلى التيمم يجوز إذا علم الشخص، أو ظن أنه يتضرر باستعمال الماء، ويحصل هذا العلم إما بالتجربة، أو بإخبار الطبيب الثقة، وانظري الفتوى رقم: 157713.

ويجوز عند بعض العلماء الأخذ بخبر الطبيب الكافر، إن كان ثقة، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 210637.

فإذا خشيت حصول الضرر باستعمال الماء؛ بناء على تجربة، أو إخبار طبيب ثقة جاز لك العدول إلى التيمم، وإن كان الأمر -كما ذكرت- من كون الضرر يحصل لك إذا استعملت الماء مرات عديدة، فلا ينبغي أن تتأثمي من التيمم، أو توسوسي في أمر قبول طهارتك، فإن دين الله يسر، فإذا خفت أن تتضرري باستعمال الماء، فتيممي، ولا تتحرجي من ذلك، واعلمي أن طهارتك صحيحة مجزئة ـ إن شاء الله ـ لأن هذا هو ما تقدرين عليه، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، قال ابن قدامة: يباح له التيمم إذا خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ، أَوْ تَبَاطُؤَ الْبُرْءِ، أَوْ خَافَ شينًا فَاحِشًا، أَوْ أَلَمًا غَيْرَ مُحْتَمَلٍ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ـ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا خَافَ ذَهَابَ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ، مِنْ لِصٍّ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ كَثِيرَةٍ، فَلَأَنْ يَجُوزَ هَا هُنَا أَوْلَى. انتهى.

وأما إذا كانت تلك الخشية مجرد شك، أو وهم، فالأصل وجوب الغسل، أو الوضوء عليك، فلا تتركي هذا الواجب، إلا إذا حصل لك يقين، أو ظن غالب بحصول الضرر.

وأما عن سؤالك الثاني: فإن ما تراه المرأة من الدم يعد حيضًا ما لم تتجاوز مدته خمسة عشر يومًا، والتي هي أكثر مدة الحيض عند الجمهور، وعليه؛ فجميع ما رأيته من الدم في الشهر الماضي يعد حيضًا، وكذا في هذا الشهر ما لم تتجاوز المدة خمسة عشر يومًا؛ ومن ثم، فإنك لا تصلين، ولا تصومين، ولا يجامعك زوجك حتى ينقطع الدم، وتغتسلي، فإذا تجاوزت مدته خمسة عشر يومًا، تبين أنك مستحاضة، وتفصيل ما تفعله المستحاضة مذكور في الفتوى رقم: 156433، فانظريها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني