الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعاهد مجموعة على ترك معصية ما، فلو ضعف أحدهم فهل يخبرهم؟

السؤال

عندما كنت في الإعدادية خطر ببالي أن أدع العادة السرية، وما يلحق بها من آثار، كنظر، وما إلى ذلك، ثم دعوت أصحابي إلى ذلك الأمر، فوافقوني، وتأثروا، وبادروا للعمل، وعاهدنا بعضنا على ذلك، وكانوا يفشلون أحيانًا، فيأتوني ويقولون: لقد نقضنا العهد، فأنصحهم، وأعظهم، ثم نقضت العهد أنا فلم أستطع أن أخبرهم، وجاءني خاطر أنك إذا أخبرتهم ستدفعهم لليأس؛ لأنك أنت قدوتهم في هذا الأمر، فلا تخبرهم حتى تبقى ثقتهم بأن الأمر ممكن، والتوبة من العادة السرية ليست مستحيلة، وأكون لهم قدوة، ‎وكنتُ أتوب وأفشل، وإذا سألوني أوهمهم أنني لا زلت على العهد، وأنا أشعر بالخيانة تجاههم، وأنني أرى عواقب ما فعلت في حياتي، وإلى الآن أصحابي يعاملونني بإجلال، وتقدير، على أنني ذو خلق ودين، وأنا ‎لست على القدر الذي يظنونه بي، فأنا هكذا مخادعٌ لهم، فهل أعترف لهم بالأمر أم أستر نفسي؟ ‎فهم يظنون بي خيرًا لست أهلًا له، وأنا لا أريد ذلك، وأخشى أن يفسدوا عليّ ديني، وأشعر بالخجل تجاههم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يتوب عليكم، ويصرف عنكم الحرام.

ولتعلم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وكل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، وللمزيد من الفائدة عن الوقوع في الذنب بعد التوبة منه انظر الفتويين التالية أرقامهما: 61553، 119792.

فليكن همك الرئيس التوبة لله تعالى قبل كل شيء، وعليك بالحرص على شغل أوقات الفراغ في الأمور النافعة، والبعد عن الوحدة، وعدم الاسترسال مع الخواطر، والأفكار، مع الاستعانة بالله تعالى، وكثرة دعائه، وخاصة في السجود، وفي أوقات الإجابة؛ فإنه قريب مجيب الدعاء.

وأما أصحابك، فلا يشرع لك، ولا لهم الإخبار عن الوقوع في المعصية، إلا رجاء التناصح، والإفادة، وإلا فالواجب على العبد ألا يجاهر بمعصيته، وانظر الفتويين التالية أرقامهما: 109352، 97046.

فلا تخبرهم بشيء من ذلك، وفي المعاريض مندوحة عن الكذب ـ لا سيما إذا كان الإخبار سببًا في رجوعهم للذنب ـ.

ونوصيك أن تبقى على نصحهم، ودعوتهم، فهي عبادة حتى ولو حصل منك التقصير، وادع الله أن يثبتك؛ فكونك تذنب لا يسوغ لك ترك النهي عن المنكر والأمر بالمعروف؛ فقد جاء في لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي: قيل للحسن: إن فلانًا لا يعظ، ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل، فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول، ودّ الشيطان أنه ظفر بهذا، فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر. وقال مالك عن ربيعة: قال سعيد بن جبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء، ما أمر أحد بمعروف، ولا نهى عن منكر، قال مالك: وصدق، ومن ذا الذي ليس فيه شيء. انتهى.

وأما خوفك على نفسك من إجلالهم لك، فيمكنك معالجته بمعرفة حال نفسك، وعيوبها، وقد قيل: من عرف نفسه لم يضره مدح الناس.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني