الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب من قدم مكة ناويا العمرة ولم يحرم من الميقات

السؤال

جزاكم الله خيرًا على خدمتكم للعالم الإسلامي أجمع، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
أنا شاب أعمل بالسعودية، وبالتحديد بمكة المكرمة، وقد أرسلت لأمي زيارة عائلية مرتين، وكل مرة تأتي وتقيم معي شهرًا، وكل مرة بعد قدومها بـ 10 أيام تقريبًا نذهب للحرم لعمل العمرة، ونحرم كما أحرم أنا من التنعيم. مع العلم أنها لم تحرم من ميقات أهل مصر وهي قادمة في الطائرة؛ لأنها لم تكن تعلم، وأيضًا لأن نيتها الزيارة لي والعمرة بالطبع بما أنها في مكة لا بد من العمرة.
فهل تجوز لها العمرة وهي لم تكن تعلم بكل هذه الأمور؟ وهل عليها هدي أم لا؟
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالإحرام من الميقات لمن قدم مكة مريدًا النسك واجب من واجبات الحج والعمرة، ولا يسقط هذا الواجب بجهل أو نسيان، فمن ترك الإحرام من الميقات عند قدومه لمكة ناويًا النسك فعليه دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم؛ قال العلامة الشنقيطي -رحمه الله-: اعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مِنَ الْمَوَاقِيتِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَهُوَ يُرِيدُ النُّسُكَ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا، وَدَلِيلُهُ فِي ذَلِكَ أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا». قَالُوا: وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ، وَهُوَ يُرِيدُ النُّسُكَ فَقَدْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا، وَهُوَ الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ، فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ. انتهى. ولفظة "أو" في هذا الأثر ليست للشك، بَلْ لِلتَّقْسِيمِ، وَالْمُرَادُ بِهِ: يُرِيقُ دَمًا سَوَاءٌ تَرَكَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. قاله النووي -رحمه الله-.

وإذا علمت هذا؛ فإن على أمك دمًا عن كل عمرة أحرمت لها بعد مجاوزة الميقات، يذبح هذا الدم في مكة ويوزع على فقراء الحرم، فإن عجزت عن ذبح ما يلزمها فعليها عن كل دم لزمها صيام عشرة أيام قياسًا على العاجز عن دم التمتع؛ قال في المغني: ويقاس عليه أيضًا -يعني على دم المتعة- كل دم وجب لترك واجب؛ كدم القران، وترك الإحرام من الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَالرَّمْيِ، وَالْمَبِيتِ لَيَالِي مِنًى بِهَا، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ، فَالْوَاجِبُ فِيهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني