الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوبة من الذنوب الشخصية والتحلل من حقوق الآخرين المعنوية

السؤال

الحقد، والحسد، وتمني زوال النعم من الناس، والكراهية، والنميمة، والغيبة، والضغينة، وتقول على كتاب الله هذا حرام وهذا حلال، والوقيعة بين الناس، وتمني الشر لكل الناس، وإظهار الحب للآخرين عكس الباطن، وتتبع عورات الآخرين، والتدخل في حياتهم، والكذب، والغدر، والفجور عند الخصام، والحكم بما تهوى النفس، والرياء، والنفاق، وخائنة الأعين، وحب المال، وحب النفس، والتكبر، وسوء الظن، والشك في نوايا الآخرين، ومقابلة الإحسان بالإساءة، وكنز المال والذهب والفضة، وقلة ذكر الله، وثقل الصلاة، وحب أن أتصف بما ليس بي، وإشعال الفتنة بين الآخرين، ولو هناك مشكلة يتم تكبيرها، وعدم قول الحق، والسرقة، وبذاءة اللسان، وحب فعل الفاحشة في السر (كالعادة السرية، ومشاهدة مشاهد إباحية)، وعدم ستر المسلم، وإظهار إيماني أمام الناس من صلاة وصوم وزكاة، والغيرة من المؤمنين، والتشكيك في إيمانهم أو التقليل من شأنهم، وعدم الاهتمام بالفقراء أو المرضى أو الشعور بمعاناة الآخرين، والجهر بالسوء، وعمل الصلاة والصوم والزكاة وللأسف داخل فيهم رياء وتكاسل.
هل يمكن لي من توبة وإصلاح قلبي؟ وكيف أصلح ما فات من فساد؟
لما قرأت في الدين، وسورة البقرة وجدت أني أصبحت كافرًا، ومنافقًا، وفاسقًا، وختم الله على قلبي، وليس لي توبة، ولا يقبل مني أي شيء حتى الموت (يعني أخرجت من أمه محمد)، ورأيت أعمالي على حقيقتها في أحلام، ورأيت آيات القرآن عن جهنم وحزب الشيطان، لا أحد يعرف عني هذا، لكن لساني هو السيء، هذا الذي ظاهر للناس.
لو اعترفت للناس بما فعلته من غيبة ووقيعة، وأطلب منهم المسامحة، هل ربي يغفر لي ذنوبي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالتوبة الصادقة المستوفية شروطها تمحو جميع ما ذكرت وما لم تذكري من الذنوب، وراجعي الفتوى رقم: 264199.

فعليك أن تبادري إلى التوبة، وفتح صفحة جديدة مع الله تعالى، واعلمي أن المولى سبحانه رؤوف رحيم يحب التائبين، ويفرح بتوبتهم، ويبسط يده في كل وقت لمن أسرفوا على أنفسهم ليتوبوا ويعودوا إليه.

وحذار من القنوط من رحمته، قال عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال -حكاية عن إبراهيم عليه السلام-: وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ {الحجر:56}. فاحذري من القنوط من رحمة الله؛ فإن ذلك بحد ذاته ذنب يستوجب التوبة، وأحسني ظنك بربك سبحانه، وعولي على كريم فضله.

ثم إن ما ذكرت من الذنوب لا يكفر ولا يخرج به صاحبه من الملة، ولو فرضنا -جدلًا- أنك قد خرجت من الملة وصرت كافرة، فهذا لا يمنع من قبول توبتك، فإن الكافر توبته مقبولة بشروطها المبينة في الفتوى رقم: 94873.

وبخصوص الذنوب التي لها تعلق بحقوق الأدميين المعنوية كالغيبة ونحوها: فيكفي فيها -مع شروط التوبة السابقة في الفتوى الأولى المحال عليها- أن تتحللي من أصحاب تلك الحقوق الذين تعرفينهم، وذلك بإخبارهم وطلب المسامحة منهم، إن لم يؤد ذلك إلى مفسدة. فإن كان طلب التحلل منهم سيؤدي إلى مفسدة، وكراهية، وحقد، فإنه يكتفي بالإكثار من الدعاء لهم بظهر الغيب، وبذكر محاسنهم في المجالس التي ذكرتهم فيها بسوء، فقد قيد العلماء وجوب التحلل بما إذا لم يؤد إلى مفسدة، وانظري الفتاوى التالية أرقامها: 148501، 121422، 66515، 215656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني