الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يبلغ المسلم درجة الفردوس بمجرد الدعاء بقوله: "اللهم ارزقني الفردوس"؟

السؤال

هل يبلغ المسلم درجة الفردوس بمجرد الدعاء بقوله: "اللهم ارزقني الفردوس"؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن مجرد الدعاء لا يدخل صاحبه الجنة فضلًا عن أن يبلغ به درجة الفردوس الأعلى، إلا إذا كان الداعي من أهل الإيمان والعمل الصالح الذي به تتحقق الاستجابة لأمر الله تعالى ونهيه؛ لأن الإيمان والعمل الصالح من شروط إجابة الدعاء لدخول الجنة، كما قال تعالى: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي {البقرة:186}، وقال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ {المائدة:72}.

وقد وصف الله تعالى عباده المؤمنين الذين يبلغون الفردوس بقوله: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {المؤمنون: 1ـ11}، وبقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا {الكهف:107}.

ومجرد الدعاء من الغافل الذي لا يتوفر صاحبه على الإيمان، والعمل، وحضور القلب لا يستجاب له، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ. رواه الترمذي، والحاكم، وحسن إسناده الألباني في صحيح الجامع.

ولا يفهم من هذا التقليل من شأن الدعاء، فإن الدعاء من أعظم العبادات، وأفضل القربات التي يتقرب بها العبد إلى ربه تبارك وتعالى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء هو العبادة. رواه أصحاب السنن، وصححه الألباني.

وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة.

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه.

ولكن المقصود أن مجرد الدعاء الذي لم تحقق فيه شروط الإجابة، وتنتفي عنه موانعها لا يبلغ بصاحبه الفردوس الأعلى من الجنة.

أما إذا تحققت الشروط، وانتفت الموانع، فإن الله تعالى وعدنا بالإجابة، فقال -وقوله الحق، ووعده الصدق-: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ {غافر:60} -ولن يخلف الله وعده-.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني