الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ السمسار عمولة من البائع دون علم المشتري

السؤال

عندي سؤال متعلق بالأمور المالية، وأرجو منكم الحصول على إجابة مفصلة لهذه المسألة المؤرقة، التي أصابتني بنوع من التوتر والاكتئاب.
أنا مهندس أعمل في مجال توريدات الأجهزة الميكانيكية الخاصة بالمشاريع، ولدي علاقات جيدة مع المصانع في جميع أنحاء العالم، بحكم خبرتي.
أتاني عرض من إحدى شركات التوريد الناشئة، التي أسست برأس مال بعض التجار، وليس لديهم أي مهندسين، أو أي موظفين، على أن أقوم بتجهيز عروض أسعار لعدد من الأجهزة اللازمة لمشروع، بحيث يقتصر عملي على جلب الأسعار من المصانع، وإضافة الربح للشركة، وعرضها على شركة المقاولات (الزبون)، مقابل نسبة من الأرباح تعادل 20٪‏. مع العلم أنني لا أعتبر موظفا في هذه الشركة (شركة التوريد) كما أنني غير ملزم بأوقات دوام وغير ذلك.
قمت بالعمل المطلوب، وأحضرت عروض أسعار لأفضل الأجهزة، من أفضل المصانع الأوروبية المعروفة، وأضفت عليها الأرباح المتعارف عليها في السوق وأكثر، وأقنعت شركة المقاولات (الزبون) بالأسعار، بعد مفاوضات كثيرة، ثم انتهى عملي.
في هذه الأثناء قامت شركة التوريد بتوظيف بعض الموظفين القادرين على إكمال العمل، وأصبحت جميع التعاملات مع المصانع والزبون تتم مباشرة عن طريقهم، بدون تدخل مني إلا للوساطة. وكانت كل التعاقدات تصدر منهم أيضا بدون أي تدخل مني، إلا للنصيحة أحيانا.
بالنسبة للدفع، كانت شركة التوريد تدفع النسبة المتفق عليها من الأرباح، عند إتمام الصفقة لكل جهاز على حدة، أما بالنسبة للأجهزة التي تقوم الشركة بتوريدها من مصانع أخرى، لأي سبب، غير التي اخترتها أنا، فلا آخذ عليها أي مبالغ، ما يعني أنه يدفع لي على الأجهزة التي تقرر شركة التوريدات بيعها من اختياراتي فقط، ولهذا المشروع فقط.
في المقابل، كنت قد طلبت من كل مصنع أن يدفع لي نسبة 5٪‏ من مبلغ البيع بعد إتمام الصفقة، معللا ذلك بأنه سوف تكون هناك تكاليف معينة لإتمام الصفقات، ولم أقل لهم بأن هذه النسبة سوف تكون لي كعمولة، خوفا من اعتقادهم بأنني طماع. كما أن هذه العمولة كانت تؤدي إلى زيادة الأسعار على شركة التوريد لبعض الأجهزة.
والسؤال هنا: هل تعتبر هذه العمولات التي آخذها من المصانع حراما؟ علما بأنني لم أشعر بأن هذه العمولات قد تكون حراما في وقتها، لعلمي بأنه يجوز للسمسار أخذ عمولة من الطرفين، ولا يشترط علم الطرف الآخر بالعمولة، كما أن زيادة السعر لا تؤدي إلى تحريمها، طالما أن شركة التوريد وافقت على سعر المبيع.
لذلك أرجو إفادتي بارك الله فيكم، وأعتذر عن الإطالة.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان عملك مجرد سمسرة ودلالة للمشتري -كما فهمنا من وصفك لطبيعة عملك- فلا حرج من حيث الأصل في أخذ عمولة من البائع دون علم المشتري -ولو أدى ذلك إلى زيادة البائع في السعر على المشتري- ، وأما إن كنت وكيلا عن المشتري، فإنه لا يحل لك أخذ عمولة من البائع، إلا بعلم المشتري ورضاه، كما سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، كالفتوى رقم: 223261، والفتوى رقم: 103078، والفتوى رقم:134980. هذا من الجهة المتعلقة بعلاقتك بالمشتري.

وأما قولك: (كنت قد طلبت من كل مصنع أن يدفع لي نسبة 5٪ من مبلغ البيع بعد إتمام الصفقة، معللا ذلك بأنه سوف تكون هناك تكاليف معينة لإتمام الصفقات، ولم أقل لهم بأن هذه النسبة سوف تكون لي كعمولة، خوفا من اعتقادهم بأنني طماع): فالظاهر من كلامك هذا أن في أخذك للعمولات بهذه الطريقة، خداعا للمصانع واحتيالا عليها، حيث أوهمتهم بأمر غير حقيقي لتنال العمولة، فإن كان الأمر كذلك: فلا يحل لك أخذ تلك العمولات من هذه الجهة، والواجب عليك التحلل منها بردها إلى أصحابها، أو طلب العفو والصفح منهم، وفق ما بيناه في الفتوى رقم: 280270.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني